الامام الخميني والعلامة المامقاني. نعم يصح النظر في وجود تعارض بين دلالة كلتا الطائفتين من الروايات بلحاظ أنفسها لا بلحاظ وصولها إلى مرتبة الحجية فالتعارض، أي إننا نفترض أنها قد بلغت مرتبة الحجية ثم نناقش في تعارض وتنافي دلالة الطائفتين. و (فضل الله) لم يتعرض - حسب ما يبدو وكما سيظهر - لمسألة التعارض من جهة الوصول لمرتبة الحجية من ناحية السند بل اكتفى بملاحظة تعارض مضمون الروايات.
أما فيما يتعلق بالتعارض الموهوم فإننا نرى أن من الممكن الجمع بين هاتين الطائفتين من الاخبار - وكما فعل ذلك العلامة المجلسي - بأن يكون المراد من رسول الله هو المبعوث من قبله أي الوحي، والمراد به هو جبرائيل عليه السلام، فقد نقل العلامة المجلسي الرواية الثانية التي نقلناها قبل قليل من الطائفة من الاخبار القائلة أن مصدر مصحف فاطمة عليها السلام هو إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم علق عليها قائلا: (والمراد برسول الله جبرائيل) (1).
وواضح إنه لا يوجد أي تعسف في هذا الحمل، فقد استخدم لفظ الرسول بمعنى الوحي والملك وجبرائيل في موارد عديدة من القرآن الكريم، قال تعالى حاكيا عن لسان جبرائيل: (قال إنما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا) (2)، وقال تعالى (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) (3)، وقال عز وجل: (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم يفرطون) (4)، وقال تعالى: (الحمد لله فاطر السماوات جاعل الملائكة رسلا) (5)، وقال عز وجل: (إن رسلنا يكتبون ما تمكرون) (6)، وقال عز من قائل: (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية) (7)، وكذلك في سورة هود الآيات: 69، 77، 88.
والذي يؤيد ما ذهب إليه العلامة المجلسي إن الرواية تقول: (ولكنه كلام من الله أنزل عليها، إملاء رسول الله وخط علي)، وعندما يكون الكلام من الله تعالى والانزال من قبله على الزهراء عليها السلام فالمناسبة تقتضي أن يكون جبرائيل هو الواسطة في نقله، ويلاحظ تعبير صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذكر كلمة رسول الله.