ونسبته ما ليس من مصحف فاطمة إلى ذلك المصحف، فقد قال: (حتى إن بعض الكلمات التي قرأتها ولا أدري مدى سندها، ولكنها موجودة في تاريخ الزهراء عليها السلام، إنها افتقدت بعض هذه الأوراق فقالت لخادمتها فضة: ابحثي عنها فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا، فإذا صحت هذه الرواية فإن معنى ذلك إن هذه الكتابات كانت تمثل قيمة كبرى بالنسبة إليها).
وبعد الرجوع إلى مصدر هذه الواقعة، وجدنا أنها منصوصة في كتاب دلائل الإمامة للطبري، فقد روى في أول كتابه عن القاضي أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن محمد بن أبي محمد يحيى بن المبارك اليزدي، قال: حدثنا الخليل بن أسد أبو الأسود النوشجاني، قال: حدثنا رويم بن يزيد المنقري، قال: حدثنا سوار بن مصعب الهمداني، عن عمرو بن قيس، عن سلمة بن كهيل، عن شفيق بن سلمة، عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى فاطمة عليها السلام فقال: يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله، هل ترك رسول الله صلى الله عليه وآله عندك شيئا تطرفينيه؟
فقالت عليها السلام: يا جارية هات تلك الحريرة (1)، فطلبتها فلم تجدها، فقالت عليها السلام: ويحك اطلبيها فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا، فطلبتها فإذا هي قممتها في قمامتها فإذا فيها:
قال محمد النبي صلى الله عليه وآله: ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو يسكت، إن الله يحب الخير الحليم المتعفف، ويبغض الفاحش الضنين، السئال الملحف، إن الحياء من الايمان، والايمان من الجنة، وإن الفحش من البذاء، والبذاء في النار) (2).
والرواية ضعيفة الاسناد، فأغلب رواتها غير ثقات، والموثقون فيها هم محمد بن عمر الجعابي وسلمة بن كهيل، لان المراد به هنا وفقا لطبقة الرواة صاحب أمير المؤمنين عليه السلام الثقة وليس المعاصر للامام الصادق عليه السلام فهو من البترية (3) ولم يوثق، أما عبد الله بن مسعود فقد وثقه السيد الخوئي بناء على ذكره في أسناد كامل الزيارات، وقد عرفت تراجعه عن هذا القول، أما المامقاني فقد استظهر وثاقته.
وبمراجعة هذه الرواية لا نلاحظ أي إشارة فيها لذكر مصحف فاطمة، ولا ندري من أين جاء فضل الله بهذا الادعاء، ولا يوجد أي توجيه لكلامه إلا أن يذهب إلى إنه لم يكن عند الزهراء عليها السلام شئ غير مصحف فاطمة، فتكون تلك الرواية المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وآله من ذلك المصحف، (ودون إثبات ذلك خرط القتاد).