يمنع من نزول الوحي إليهم عليهم السلام وإن كانوا أئمة غير أنبياء، فقد أوحى الله عز وجل إلى أم موسى عليها السلام (أن ارضعيه...) الآية، فعرفت صحة ذلك بالوحي، وعملت عليه ولم تكن نبيا ولا رسولا ولا إماما، ولكنها كانت من عباد الله الصالحين، وإنما منعت من نزول الوحي إليهم والايحاء بالأشياء إليهم للاجماع على المنع من ذلك والاتفاق على أنه من زعم أن أحدا بعد نبينا صلى الله عليه وآله يوحى إليه فقد أخطأ وكفر، ولحصول العلم بذلك من دين النبي، كما أن العقل لم يمنع من بعثة نبي بعد نبينا صلى الله عليه وآله ونسخ شرعه كما نسخ ما قبله من شرايع الأنبياء، وإنما منع الاجماع والعلم بأنه خلاف دين النبي صلى الله عليه وآله من جهة اليقين وما يقارب الاضطرار، والامامية جميعا على ما ذكرت ليس بينها فيه على ما وصفت خلاف. ثم قال: (القول في سماع الأئمة كلام الملائكة الكرام وإن كانوا لا يرون منهم الاشخاص)، وأقول بجواز هذا من جهة العقل، وإنه ليس يمتنع في الصديقين من الشيعة، المعصومين من الضلال، وقد جاءت بصحته وكونه للأئمة ومن سميت من شيعتهم الصالحين الأبرار الأخيار واضحة الحجة والبرهان، وهو مذهب فقهاء الامامية وأصحاب الآثار منهم، وقد أباه بنو نوبخت وجماعة من الامامية لا معرفة لهم بالأخبار، ولم يتعمقوا النظر ولا سلكوا طريق الصواب)، انتهى كلامه (1).
الروايات المؤيدة لرأي المفيد:
ويشهد لكلام الشيخ المفيد الأخير من تحدث الملائكة مع الأئمة ما رواه الصفار بسند صحيح عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن داود بن فرقد، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر)، قال عليه السلام: (نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من موت أو مولود، قلت له: إلى من؟ فقال عليه السلام: إلى من عسى أن يكون! إن الناس في تلك الليلة في صلاة ودعاء ومسألة، وصاحب هذا الامر في شغل تنزل الملائكة إليه بأمور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها من كل أمر، سلام له إلى أن يطلع الفجر) (2).
وكذلك روى الصفار بسند صحيح عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) (3)، قال عليه السلام: (هم الأئمة من آل محمد) (4).
وروى الصفار أيضا عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: (ما من ملك يهبطه