من النجاسة لا يكاد يكون إلا بعدم إنفعاله بوقوعها، بخلاف مثل قوله ((عليه السلام)):
" يجزيك أن ينزح منها دلاء، فإن ذلك يطهرها " (1) في جواب السؤال عن البئر تقع فيه الحمامة أو الدجاجة أو الفارة أو الكلب. (2) ضرورة أنه يمكن أن يكون المراد التطهير مما يستقذره بوقوع أحدها طبعا، أو عن مرتبة من النجاسة غير مانعة عن استعماله إلا تنزيها. بل لا محيص عن ذلك، وإلا لكان الواجب الإستفصال عن أن غير الكلب خرج حيا أو ميتا؟ كما هو واضح.
هذا مضافا إلى شهادة ما في أخبار المنزوحات من الاختلاف زيادة ونقيصة في شئ واحد، على عدم وجوب النزح، وأنه على نحو الاستحباب لرفع القذارة طبعا أو لرفع مرتبة منها شرعا، فيوفق بين الخبرين المختلفين في شئ واحد بأن يحمل ما دل على نزح الكثير على أنه لرفع تمام ما حدث من المرتبة، وما دل على القليل على أنه لرفع بعض مراتبه. تأمل تجد فيها شواهد على ما قلنا.
ومع ذلك (جماعه من أصحابنا حكموا بنجاستها بوقوع النجاسة فيها وإن لم يتغير ماؤها) (3) - وقد عرفت عدم نجاستها - (وأوجبوا نزح الجميع بوقوع المسكر) ولا وجه له في غير الخمر منه عدا ما دل على تنزيله منزلتها (4)، وقد ورد فيها نزح الجميع (5)، مع وضوح أنه في خصوص حرمتها. وقد ورد نزح عشرين فيها أيضا (6)