أصولي فلم يذكر اسمه ويطرح رأيه بل المنهج في هذه الأبحاث - ترتيبا وتنسيقا بل مادة وكيفية - يتبع المرسوم في كفاية الآخوند الخراساني (رحمه الله) ومن الطبيعي أن تجعل آراؤه غرضا للنقد والنظر ومحلا للبحث والفحص نقضا وإبراما.
وبكلمة ان شخصيته العلمية أحد منابع الفكر في أصول الفقه والفقه واسمه علا منابر التدريس ومحافل التحصيل.
كما أن أهل السير والنظر في التاريخ السياسي المعاصر والحركات الثورية عموما وقضية الدستور في إيران بوجه خاص لا يمكنهم الإحاطة التامة دون أن يدرسوا دور المولى محمد كاظم الخراساني ولا يصح منهم ترسيم هذه النهضة في إيران ترسيما منطبقا على الواقع إلا باعداد موقع هام بارز لهذه الشخصية الدينية فكان هو المرجع والمآل والسند للصبغة الدينية على هذه الحركة - حركة الدستور في إيران عهد آل قاجار - وكأنه بتصديه لهذا الأمر أثبت نظرية علاقة الدين بالسياسة وإنه لا يمكن التفرقة بين العالم الديني ومصير المتدينين والأمة وإن تطلبت الظروف مقتضاها في كل زمان بشكل وآخر.
ومما يجلب النظر في حياته إنه مع مكانته الرفيعة كان زاهدا في دنياه يضرب به المثل ذا مناعة في الطبع وسعة في الصدر وجوده مأمولا مشهودا.
ثم إنه وإن كان اشتهاره في الأصول كاد أن يغطي على مقامه الفقهي إلا أن تراثه أكبر شاهد على محله المنيع وثقله الوزين في فقه التشريع الإسلامي فهو فقيه فذ وحبر عظيم ونقاد بصير وشأنه في الفقه عظيم بحيث يعد من أحد أكابر هذا الفن وجهابذته فإن آراءه ونظراته الفقهية لا تقل إعتبارا - وإن كانت أقل موردا - عن آرائه الأصولية إلا أنها تكشف عن نضج رأيه الفقهي وانتظامه بنظام أصولي يحظى من الدقة في تفكيك المواضيع والتعمق في فقه النصوص وحساب الاحتمالات حسب الفهم العرفي وغير ذلك مما يجعله مؤهلا لعنوان المحقق على التحقيق.