إلى الاعتبار مع كون الأصل والإطلاق على عدمه، فتأمل جيدا (1).
(١) إلى هنا انتهى ما جاد به فكره الوثيق على قلمه الشريف شرحا لتكملة التبصرة دون أن يساعده السواعد على اتمامه.
وقد ورد في المطبوع بعد هذه النهاية ما هو رثاء وتحسر وتلهف في فقده رحمة الله عليه ونحن نورده كما هو لعدم خلوه من فائدة.
وهو كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا آخر ما سمح به قلمه الشريف ولله دره ودر باريه وتعالى جد من أنطقه بالحكمة وأظهر دلائل الإعجاز فيه. فإنه لم يأل جهدا ولم ينفك مجتهدا مجدا يتطلب العزلة والخلوة بنفسه ولم يشغله ما في يومه وأمسه عن جمع شوارد تلك الفرائد الأبكار واقتطاف ثمار تلك الأفكار اليانعة الثمار على ما هو فيه من المحن التي لا يقوم بها جلد ولا صبر ولا يقوى عليها كاهل الدهر مع تقلب الزمان وانقلابه وتشتت البال واضطرابه على قلة الناصر وفقد المساعد وكثرة المعاند والحاسد لا تأخذه لومة لائم ولا يملك سمعه عذل في دفاع الكفر وجهادهم بالنفس والمال والأهل مع علمه بترصدهم له بالغوائل والقتل مستعينا بالله معتصما بحبله حتى عاد الجبابرة أطوع له من نعله مشهرا عن ساعد الجد والاجتهاد لإصلاح أمور المسلمين في كل صقع وبلاد خصوصا في إطفاء نائرة أم الفتن إيران وما أدراك ما إيران؟ وما تلك الفتن التي عنها نطاق البيان يضيق؟ وناهيك بتلك الفتن التي منها أن القوم فريقان: فريق وفريق، ثم اعصوصب الأمر وتفاقم الخطب فيها من تغلب الكفر عليها وتعرضهم لأعراض المسلمين وسبي ذراريها فاستغاث به المسلمون من كل ناحية واختلفت عليه البرقيات من كل شاك وشاكية فلا تسمع غير صوت مرنة، ولا ترى غير باك وباكية، وهو على أنه يرعاها بعين مستيقظ ويسمعها بأذن واعية، يزداد بتلك الوثبات صبرا وثبات ولم تكدر منه الخطوب صفا ولم تصدع من حمله صفات ولم يأنس بغير البحث والتدريس ولم يتخذ غير الكتاب سميرا وجليسا ثم لما لم يجد بدا من النهوض والقيام للدفاع والحماية عن بيضة الاسلام قام فخطب الناس ووعظهم واستنفرهم واستنهضهم فأجابوا دعوته سامعين ونشر البرقيات في سائر الجهات فلبوا نداءه طائعين حتى تم له ما يريد لو ساعده القدر من تألب جيش للمسلمين طلائعه النصر والظفر فبات المسلمون ليلتهم باجتماع أولى العزم والنجدة بأكمل عدد وأحسن عدة فرحين مستبشرين أن سوف يفتح الله لهم وهو خير الفاتحين بسياسة مأمون السياسة الأحق بولاية الأمر والرئاسة فبينا هم مستبشرون ينتظرون داعيه إذ صك أسماعهم صوت ناعيه بمفاجأة القدر عميد تلك السرية وإمام الفرقة الاثني عشرية فتاه الناس في ظلمات من الأحزان وغرقوا في بحار من الأجفان وظنوا أن الساعة بغتتهم والصيحة شملتهم لا يدرون إلى أين يذهبون؟ وعلى من يعولون؟ وإلى أي ملجأ يلجئون؟ فلا أدري ما أقول والمصاب به كافة المسلمين وعامة أهل الدين وقد أيقنوا أنهم شيعوا الاسلام بتشييعه وودعوا شريعة سيد المرسلين بتوديعه فيا لها من صبيحة تكشفت عن سرور المشركين واستبشارهم ومحو رسوم المسلمين ودثور آثارهم وعن موت العالم ويتم العلماء ويأس أبناء الرجاء وانقطاع الأرامل والفقراء ولقد أكثر الشعراء بالتعزية والرثاء وبذلوا جهدهم جزاهم الله خير الجزاء ولكن هيهات أن يبلغوا بالكثير القليل أو أن يحيطوا ببعض صفاته بالقيل ومن أحسن ما قيل فيه.
تاريخ بعض متعلقيه:
لله رزء عمت نوافذه * فلم يكن قلب مسلم سالم يفقد أقصى الرجا مؤرخه * في فقد باب الحوائج الكاظم سنة 1329 هجرية