في وجوبها على الأعيان في جميع الأحيان والأزمان... إلى آخر ما قدمنا ذكره.
وأنت قد عرفت ما في ثبوت الاجماع وأن دونه خرط القتاد وخصوصا في هذه المسألة كما هو ظاهر لمن وفق للسداد والرشاد، ولهذا أن جملة من أفاضل المتأخرين عن عصر شيخنا الشهيد الثاني إلا الشاذ النادر ممن لا يعبأ به ولا يعد قوله في أقوال العلماء المشهورين كلهم على القول بالوجوب العيني كما أسلفنا لك نقل أسماء جملة ممن حضرنا كلامهم واطلعنا على مذهبهم. وأما من أخذته العصبية للقول بالتخيير الذي ظن بزعمه أنه المشهور - مع أن الأمر بالعكس (1) كما عرفت مما قدمناه في هذه السطور، لما اعتراه في ذهنه من الفتور والقصور فحاد عن هذا القول المؤيد المنصور بالآيات والروايات الساطعة الظهور - فهو أقصى نصيبه في المقام وغاية حظه من الافهام. ويا عجبا أنهم يستندون إلى الآيات القرآنية في جملة من الأحكام مع أنه ليس فيها ما هو أظهر دلالة وأوضح مقالة من آية الجمعة (2) المشتملة على مزيد التأكيد والحث الشديد ويستندون في الأحكام إلى خبر أو خبرين من الأخبار ولو بالاطلاق أو العموم كما هو مسلم بينهم ومعلوم، ويقابلون هذه الأخبار الواضحة الظهور كالنور على الطور بما عرفت من التمحلات البعيدة والتأويلات الغير السديدة، مع أن لم يخرج في حكم مسألة من مسائل الفقه ما خرج عنهم (عليهم السلام) في هذه المسألة من الأخبار البالغة في الاشتهار والانتشار والتهديد والتشديد والحث الأكيد إلى حد لا يقبل الانكار، إلا أنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (3) ولله در من قال:
لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي ونار لو نفخت بها أضاءت * ولكن أنت تنفخ في رماد (4)