إن دخله الشك قبل الدخول في الثالثة لم يمض بل تبطل صلاته، وهو ظاهر في الابطال بالشك بين الاثنتين والثلاث، لأنه متى شك بعد السجدة الثانية بين كون ما صلاة اثنتين أو ثلاثا فإن الصلاة باطلة بمقتضى ظاهر التعليق، ولهذا استدل بصحيحة عبيد بن زرارة الظاهرة في بطلان الصلاة بالشك في الصورة المذكورة.
وأما على ما ذكرناه من أن هذا الشك الذي وقع منه بعد القيام الركعة المذكورة إنما هو الشك بين الاثنتين والثلاث فإنه لا فرق بين عروض هذا الشك في حال القيام أو قبله بعد إتمام الركعتين المتيقنتين بالسجدة الثانية فإنه يجب العمل فيه بالبناء على الأكثر والاحتياط كما هو المشهور.
وأما ما دل عليه الخبر بمفهومه - من أنه لو دخله الشك قبل دخوله في الثالثة لم يمض بل تبطل صلاته كما ذكره - فإنه يجب ارتكاب التأويل فيه، ولهذا أن جملة ممن تبع السيد السند في الطعن في الخبر بما تقدم ذكره أجابوا عن مفهوم ما دل عليه الخبر الموجب لبطلان الصلاة بالشك بين الاثنتين والثلاث بحمل الدخول في الثالثة على ما هو أعم من الدخول فيها أو في مقدماتها والرفع من السجود من جملة مقدماتها. وأجاب بعضهم بتقييد المفهوم بما إذا وقع الشك قبل إكمال الأوليين.
ولا يخفى ما في الجميع من البعد.
والذي يقرب عندي أن هذه العبارة إنما خرجت مخرج التجوز وأن التعليق غير مراد منها بمعنى أنه قوله (عليه السلام): " إن دخله الشك بعد دخوله في الثالثة " إنما هو كناية عن إتمام الأولتين فكأنه قال: " إذ دخله الشك بعد إكمال الأولتين مضى... الخ " وباب المجاز في الكلام واسع، ولعل الاجمال في هذه الرواية في كل من هذا الحكم والحكم الأول مبني على معلومية ذلك يومئذ عند أصحابهم (عليهم السلام) كما هو الآن معلوم بين علمائنا.
وبالجملة فإنه متى ثبت مما حققناه آنفا من أن الرواية دالة عليه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث حسبما صرح به الأصحاب (رضوان الله عليهم) وقد علم اتفاقا