المتنفل وغيره، وقد شاع في الأخبار اطلاق الوقت على كل من المعنيين، وجل الأخبار المانعة من ايقاع النافلة في وقت الفريضة إنما أريد بها الراتبة بالنسبة إلى الوقت الذي بعد الأقدام أو الأذرع فلا يزاحم بها الفريضة في هذا الوقت الموظف لها، وبالجملة فإن الأخبار وإن دلت على أن وقت الظهر والعصر من أول الزوال مرتبا إلا أنها دلت على اقتطاع قطعة من أوله للمتنفل محدودة بالأذرع أو الأقدام وقد جعل وقت الفريضة بعد ذلك، وقد مر في رواية إسحاق بن عمار (1) أنه لا يجوز التطوع بالنافلة بعد مضي الذراع والذراعين حيث قال (عليه السلام) " وإنما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت الفريضة " وعلله في رواية إسماعيل الجعفي " لئلا يؤخذ من وقت هذه ويدخل في وقت هذه " وهو ظاهر فيما قلناه، نعم هذا إنما يجري ويتمشى بالنسبة إلى الظهرين حيث إن الأخبار قد عينت للنافلة وقتا محدودا وللفريضة وقتا محدودا أما مثل المغرب والعشاء فلا، ومجرد استحباب الاتيان بالعشاء في وقت مغيب الشفق لا يقتضي منع النافلة، ومنه يعلم أن كلام السيد السند (قدس سره) في المقام على اطلاقه غير جيد فلو قصر الكلام على نافلة المغرب التي هي محل البحث لتم ما ذكره بغير اشكال.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن أكثر المتأخرين إنما اعتمدوا في منع النافلة بعد مغيب الشفق المغربي على الاجماع المدعى في المنتهى والمعتبر، ولا يخفى ما فيه. وظاهر الشهيد في الذكرى الميل إلى امتداد وقتها بوقت الفريضة حيث قال بعد البحث في المسألة: ولو قيل بامتداد وقتها بوقت المغرب أمكن لأنها تابعة لها. وإلى ذلك مال جملة من متأخري المتأخرين جازمين به أولهم فيما أعلم السيد السند في المدارك، قال ويشهد له صحيحة أبان ابن تغلب (2) قال: " صليت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) المغرب بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثم صلى العشاء الآخرة ولم يركع بينهما ثم صليت خلفه بعد ذلك بسنة فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات ثم قام فصلى العشاء الآخرة ".