مسعدة وغيره: وحمل تلك الأخبار على الاستحلال بعيد إذ لا فرق حينئذ بين ترك الصلاة وفعل الزنا بل الظاهر أنه محمول على أحد معاني الكفر التي مضت في كتاب الايمان والكفر وهو مقابل للايمان الذي لا يصدر معه من المؤمن ترك الفرائض وفعل الكبائر بدون داع قوي، وهذا الكفر لا يترتب عليه وجوب القتل ولا النجاسة ولا استحقاق خلود النار بل استحقاق الحد والتعزير في الدنيا والعقوبة الشديدة في الآخرة، وقد يطلق على فعل مطلق الكبائر وترك مطلق الفرائض وعلى هذا المعنى لا فرق بين ترك الصلاة وفعل الزنا. انتهى.
أقول: لقائل أن يقول إنه وإن أطلق الكفر على أصحاب الكبائر بهذا المعنى المذكور وترك الصلاة من جملتها إلا أنه من المحتمل قريبا تخصيص الصلاة بهذا الحكم وهو كون تركها موجبا للكفر الحقيقي فإنه ظاهر الأخبار الواردة في المقام حيث إنه في خبر مسعدة (1) سئل عن الحجة في تخصيص تارك الصلاة باسم الكفر دون الزاني، ونحوه أيضا خبر آخر له نقله في الكافي ونقله شيخنا المجلسي في البحار عن كتاب قرب الإسناد عن مسعدة بن صدقة (2) قال: " قيل لأبي عبد الله (عليه السلام) ما فرق بين من نظر إلى امرأة فزنى بها أو خمر فشربها وبين من ترك الصلاة حتى لا يكون الزاني وشارب الخمر مستخفا كما استخف تارك الصلاة وما الحجة في ذلك وما العلة التي تفرق بينهما؟ قال الحجة أن كل ما أدخلت أنت نفسك فيه لم يدعك إليه داع ولم يغلبك عليه غالب شهوة مثل الزنا وشرب الخمر، وأنت دعوت نفسك إلى ترك الصلاة وليس ثم شهوة فهو الاستخفاف بعينه وهذا فرق ما بينهما " ويشير إلى ذلك حديث عبيد بن زرارة المتقدم حيث إنه (عليه السلام) عد الكفر أولا في الكبائر والمتبادر منه هو المعنى المشهور ثم لما اعترضه السائل بأنه لم يذكر ترك الصلاة في الكبائر أحاله على الكفر الذي ذكره في صدر الخبر وأن تارك الصلاة داخل فيه مع عده في الخبر جملة من الكبائر الموجبة لصحة