ذلك وقتا في الجملة إنما البحث في تخصيص ذوي الأعذار به أو عمومه لهم ولذوي الاختيار وهذه الأدلة كلها لا تصريح ولا ظاهرية فيها بكون الامتداد إلى الغروب وإلى الانتصاف وقتا للمختار كما هو المطلوب بالاستدلال وإنما تدل على كونه وقتا في الجملة ويكفي في صدقه كونه وقتا لذوي الأعذار والاضطرار، ومما يؤيد ما ذكرنا ما صرح به شيخنا البهائي في كتاب الحبل المتين حيث نقل عن العلامة الاحتجاج للقول المشهور بالآية وأنها تدل على التخيير في ايقاع الصلاة بين هذين الوقتين، ثم قال (قدس سره) وأما الآية فلا تدل على أن ما بين الدلوك والغسق وقت للمختار وإنما تدل على أن ما بينهما وقت في الجملة وهذا لا ينافي كون البعض وقتا للمختار والبعض الآخر وقتا للمعذور. انتهى. وقد وفق الله سبحانه للاطلاع عليه بعد خطور ما ذكرناه بالبال أولا فهو من قبيل توارد الخاطر.
و (ثانيها) - أن ما ذكره (قدس سره) في الرواية المشتملة على الضحاك بن زيد - من أن الظاهر أنه أبو مالك الثقة كما يستفاد من النجاشي فيكون السند صحيحا - لا أعرف له وجه استقامة ولا لهذه الظاهرية وجه ظهور، فإن مجرد ذكر النجاشي للضحاك وأنه أبو مالك الحضرمي وأنه ثقة لا يقتضي حمله على الرجل المذكور في الرواية المعبر عنه بالضحاك بن زيد، ومجرد الاشتراك في الاسم أو الطبقة لا يقتضي حمل أحدهما على الآخر، والذي يستفاد من النجاشي توثيق الرجل الذي ذكره وأما كونه هو هذا المذكور في الخبر فلا يستفاد من كلامه بوجه من الوجوه، وبالجملة فإن ما ذكره (قدس سره) لا يخلو من عجب من مثله كما ترى، وأعجب من ذلك قوله أيضا " ومتنها صريح في المطلوب " وأي صراحة في الدلالة على الامتداد بالنسبة إلى المختار كما هو المدعى ومحل البحث؟ وإنما غايتها - كما عرفت - الدلالة على ما دلت على الآية والأخبار الباقية من كونه وقتا في الجملة.
و (ثالثها) - قوله بعد ذكر صحيحتي الأحمدين الدالتين على التحديد بالقامة والقامتين من أن الأظهر حملهما على الفضيلة دون الاختيار لظاهر القرآن وصراحة