اليدين وهو مؤذن بالقول بوجوب العلوق، وإلى هذا القول مال جملة من أفاضل متأخري المتأخرين: منهم - شيخنا البهائي في الحبل المتين ونقله فيه عن والده أيضا والمحدث الكاشاني وشيخنا الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني، وهو المختار عندي كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى.
واستدل في المدارك على القول المشهور - حيث مال إليه - بوجوه: (الأول) - عدم الدليل على العلوق (الثاني) - اجماع علمائنا على استحباب نفض اليدين بعد الضرب وورود الأخبار الصحيحة به، ولو كان العلوق معتبرا لما أمر الشارع بفعل ما كان عرضة لزواله (الثالث) - أن الصعيد وجه الأرض لا التراب فسقط اعتباره جملة (الرابع) - أن الضربة الواحدة كافية مطلقا على ما سنبينه ولو كان المسح بالتراب معتبرا لما حصل الاكتفاء بها إذ الغالب عدم بقاء الغبار من الضربة الواحدة في اليدين.
أقول: أما الجواب عن الأول فبأن الدليل على ما ندعيه من اعتبار العلوق هو صحيحة زرارة (1) قال: " قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ألا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك ثم قال يا زرارة قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزل به الكتاب من الله لأن الله عز وجل يقول: فاغسلوا وجوهكم، إلى أن قال ثم قال: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم (2) فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال: " بوجوهكم " ثم وصل بها " وأيديكم منه " أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجزئ على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها " والتقريب في الخبر المذكور أن المراد بالتيمم المفسر به الضمير هو المتيمم به، لأن حاصل معنى الخبر أنه سبحانه إنما أثبت بعض الغسل مسحا ولم يوجب مسح الجميع، لأنه لما علم أن ذلك الصعيد