للبدلية ليتميز أحدهما عن الآخر. ويشكل بأن الاحتياج إلى التمييز إنما يكون في موضع اجتماعهما معا والخطاب بهما كذلك أما لو كان المخاطب به إنما هو التيمم عن أحدهما فلا ضرورة إلى التمييز. وما ذكره بعض فضلاء متأخري المتأخرين في الجواب - من أن التمييز يعتبر بالنسبة إلى ما يصح وقوع التيمم عنه مطلقا من غير التفاوت ما في الذمة - مجرد دعوى عارية عن الدليل بل هو نوع مصادرة كما لا يخفى. وقيل بالعدم مطلقا والظاهر أنه المشهور بين المتأخرين كما ذكره بعض الأفاضل. وقيل بالتفضيل وهو وجوب نية البدلية إن قلنا باختلاف صورتي التيمم بدلا عن الحدث الأصغر وعن الأكبر يعني وجوب الضربة في البدل عن الأصغر والضربتين فيما هو بدل عن الأكبر، وإن قلنا باتحاد صورتي التيمم بالضربة فيهما أو الضربتين فلا، وهو مذهب الشهيد في الذكرى حيث قال: الأقرب اشتراط نية البدلية عن الأكبر أو الأصغر لاختلاف حقيقتهما فيتميزان بالنية وبه صرح الشيخ في الخلاف، وعليه بنى ما لو نسي الجنابة فتيمم للحدث أنه لا يجزئ لعدم شرطه، وهذا بناء على اختلاف الهيئتين ولو اجتزأنا بالضربة فيهما أو قلنا فيهما بالضربتين أمكن الاجزاء وبه أفتى في المعتبر مع أن الشيخ في الخلاف قال في المسألة: فإن قلنا إنه متى نوى بتيممه استباحة الصلاة من حدث جاز له الدخول في الصلاة كان قويا قال والأحوط الأول يعني عدم الاجزاء، وذكر أن لا نص للأصحاب فيها أي في مسألة النسيان. انتهى ما ذكره في الذكرى. أقول: عبارة المعتبر في هذا المقام هكذا:
" لو نسي الجنابة فتيمم للحدث فإن قلنا بالضربة الواحدة فيهما أجزأ لأن الطهارتين واحدة وإن قلنا بالتفصيل لم يجزئه، وقال الشيخ في الخلاف والذي يقتضيه المذهب أنه لا يجوز لأنه يشترط أن ينويه بدلا من الوضوء أو بدلا من الجنابة ولم ينو ذلك " انتهى. وأنت خبير بأن غاية ما تدل عليه هذه العبارة هو أن عدم الاجزاء على القول بالتفصيل إنما هو من حيث إن الواجب في بدل الجنابة الضربتان وهو لم يأت إلا بواحدة حيث إنه إنما تيمم بقصد البدلية عن الوضوء لا أن عدم الاجزاء من حيث الاخلال بنية البدلية،