السابق، والمتأخر من الحدث معفو عنه وإن لم ينو إباحته بل لا يكاد يعقل نية الإباحة منه قبل وقوعه وإنما هو عفو من الله، وهذا القول ليس بعيدا عن الصواب فإنا لا نعقل من الحدث إلا الحالة لا يصح معها الدخول في الصلاة، فمتى أبيحت الصلاة زالت تلك الحالة فارتفع الحدث بالنسبة إلى هذه الصلاة بمعنى زوال المانع وإن بقي في غيرها، وأيضا فإن النية إنما تؤثر في الإباحة من الحدث السابق عليها كما قلناه لا المتأخر إذ لم يعهد ذلك شرعا، والمتأخر مغتفر في هذه الصلاة والسابق لا مانع من رفعه بالنية.
إلى آخر كلامه.
ويمكن أن يقال في المقام أنه لا يخفي؟ على المتأمل في كلامهم بالنظر الدقيق والناظر فيه بعين التحقيق أنه لا منافاة بين القولين المذكورين، وذلك بأن يحمل ما ادعى عليه المحقق الاجماع من أن التيمم لا يرفع الحدث وأنه لو تيمم ونوى رفع الحدث لم يستبح الصلاة على معنى أنه لا يرفعه على نحو ما يرفعه الماء من رفعه مطلقا وإزالته بالكلية حتى أنه لا يؤثر في بطلانه إلا الحدث كما في الطهارة المائية التي لا ينقضها إلا الحدث وأن التمكن من الماء لا يؤثر في بطلانه ونقضه، ومن الظاهر أنه بهذا المعنى مجمع عليه إذ لا قائل بأنه يرفع الحدث كرفع الماء وأنه لا ينتقض بالتمكن من الماء، فما ادعاه من الاجماع صحيح لا شك فيه، وأما كونه يرفع الحدث إلى وقت التمكن من الماء أو طرو أحد النواقض - كما صرح به الشهيد في قواعده وقال به أصحاب القول الثاني - فلا مانع منه بالتقريب المتقدم، إلا أنه ربما أشكل بأن المتبادر من معنى الرفع إنما هو زوال ذلك المانع بكليته فلا يعود إلا بسبب موجب له كما في الطهارة المائية الرافعة فإنه لا يعود الحدث إلا بسبب آخر، وأما في التيمم فإنه ليس كذلك إذ لو كان رافعا للحدث على الوجه المذكور لما انتقض بالتمكن من الماء لأن التمكن من الماء ليس حدثا اجماعا كما سمعت من كلام المحقق. قولكم: إنه أرفع إلى غاية هي وجود التمكن من الماء أو حصول الحدث. قلنا: لا ريب أنه بالتمكن من الماء أو طرو حدث يعود الأول بعينه حتى كأنه