في الطهارة أنه لا يجوز نية الرفع في التيمم وإنما ينوي فيه الاستباحة خاصة، وذلك للفرق بينهما فإن الاستباحة عبارة عن رفع المنع ورفع الحدث عبارة عن رفع المانع، فعلى هذا يمتنع نية الرفع من التيمم ودائم الحدث لاستمرار المانع وعدم إمكان رفعه ولهذا وجب على دائم الحدث تجديد الوضوء لكل صلاة والمتيمم فإنه ينتقض تيممه برؤية الماء مع أنه ليس بحدث، وإنما ينويان الاستباحة لأنهما بالطهارتين المذكورتين أبيح لهما الدخول في العبادة وإن كان الحدث باقيا.
وتفصيل هذه الجملة ببيان البسط أن يقال يجب أن يعلم أن الحدث لفظ مشترك يطلق على معنيين: (أحدهما) نفس الخارج الناقض للطهارة و (الثاني) أثره وهو المانع من الدخول في العبادة المتوقف رفعه على الطهارة، والمعنى الأخير هو محل البحث في المسألة لا الأول لامتناع رفع الواقع فإنه قد وقع والواقع لا يرتفع، وإنما المراد رفع المانع أي الأثر الحاصل بسبب الخارج على ما عرفت، فنية الرفع يقصد بها إزالة المانع المستلزم لإزالة المنع كما في طهارة المختار، ولهذا أن الرفع والاستباحة بالنسبة إليه متلازمان، ونية الاستباحة يقصد بها إزالة المنع وهو أعم من رفع المانع إذ قد يرتفع المنع ولا يرتفع المانع بالكلية، كما في المتيمم فإنه يستبيح الصلاة مع عدم ارتفاع حدثه ومن ثم يجب عليه الطهارة المائية عند التمكن منها، ولو كان الحدث مرتفعا بالتيمم لم تجب الطهارة المائية بذلك الحدث السابق فهو دليل على عدم زوال المانع، وكما في دائم الحدث فإن الإباحة تحصل له بوضوئه للصلاة الواحدة مع بقاء أثر الحدث المتأخر عن الطهارة والمقارن فلم يحصل فيه سوى زوال المنع، فإن المانع مقارن للطهارة وإنما حصل له بالطهارة إباحة الصلاة خاصة وبذلك يظهر الفرق بينهما بالنسبة إلى الطهارة الاضطرارية ودائم الحدث.
قال في المعتبر: التيمم لا يرفع الحدث وهو مذهب العلماء كافة، ثم احتج عليه بأن المتيمم يجب عليه الطهارة عند وجود الماء بحسب الحدث السابق فلو لم يكن الحدث السابق باقيا لكان وجوب الطهارة بوجود الماء إذ لا وجه غيره، ووجود الماء ليس