كان تعويله على رواية السكوني، ثم ساق الرواية وردها بضعف السند - ففيه أن الروايتين اللتين هما المستند في هذه المسألة قد اشتملتا على يوم الجمعة ويوم عرفة، وفرضه المسألة على ما قرره من ضيق وقت يوم الجمعة وإن تم له في يوم الجمعة إلا أنه لا يتم له في يوم عرفة لأن المراد بالزحام يوم عرفة يعني في صلاة الظهرين في مسجد عرفة ووقت الظهرين غير مضيق فلا يتمشى ما ذكره فيه، على أن الحق - كما عرفت - أن الصلاة إنما هي مع جماعة المخالفين الذين هم أرباب الجمعات والجماعات في الصدر السابق سيما في المواضع الظاهرة المكشوفة كعرفات ونحوها، ولا ريب أن المقتدي بهم من الشيعة لا يصليها جمعة وإنما يصليها ظهرا، فلا يتم التقريب الذي ذكره من أن وقت الجمعة ضيق، وبالجملة فإنه على ما ذكرنا لا اشكال بحمد الملك المتعال (فإن قيل): إن مقتضى ما ذكرتم من الصلاة تقية مع سعة الوقت هو عدم صحة الصلاة فلماذا أمر (عليه السلام) بالتيمم والحال أن الصلاة غير صحيحة ويجب إعادتها بعد خروجهم وتفرقهم؟ (قلنا) يمكن أن يكون لوجه في هذا التيمم ما رواه الصدوق عن مسعدة بن صدقة (1) " أن قائلا قال لجعفر بن محمد (عليه السلام) إني أمر بقوم ناصبية قد أقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء فإن لم أدخل معهم قالوا ما شاءوا أن يقولوا فأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت؟ قال سبحان الله أما يخاف من يصلي على غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا " والتقريب فيها أنه (عليه السلام) منع من الاتيان بصورة الصلاة وإن كانت باطلة باعتقاد صاحبها ومريدا للإعادة لها بغير طهارة، والحال في الصورتين واحدة، والوضوء هنا متعذر فلا بد من الانتقال إلى التيمم، فالأمر بالتيمم إنما هو لما دل عليه هذا الخبر كما عرفت (فإن قيل: يمكن أن يكون مراده (عليه السلام) من الخبر المذكور إنما هو الأمر بالوضوء والصلاة معهم على حسب الصلاة خلف المخالفين فتكون صلاة صحيحة، فيكون المنع والتهديد المذكور إنما تعلق بالصلاة الصحيحة (قلنا): هذا المعنى بعيد عن ظاهر الخبر
(٢٧٠)