ما لو كان الماء موجودا عنده بحيث يخرج الوقت لو استعمله وبين من كان الماء بعيدا عنه بحيث لو سعى إليه لخرج الوقت فأوجب الطهارة المائية على الأول دون الثاني، مستندا إلى انتفاء شرط التيمم وهو عدم وجدان الماء في الأول وعدم صدق الوجدان في الثاني، ثم اعترضه فقال: وأنت خبير بأن المراد بوجدان الماء في باب التيمم وفي الآية فعلا أو قوة، ولهذا يجب على الفاقد الطلب والشراء لصدق الوجدان، ولو كان المراد الوجدان بالفعل لم يجب عليه ذلك لأنه تعالى شرط في جواز التيمم عدم الوجدان، فلا يتم حينئذ ما ذكره من الفرق لصدق الوجدان في الصورتين بالمعنى المعتبر شرعا، فلا بد من الحكم باتفاقهما أما بالتيمم كما ذكره المصنف أو بالطهارة كما ذكره المحقق. انتهى كلامه. وهو جيد وجيه.
أقول: والتحقيق عندي في هذه المسألة هو ما ذهب إليه العلامة من وجوب التيمم والأداء فإنه هو الأقرب إلى الانطباق على القواعد الشرعية (أما أولا) - فلظواهر الأخبار التي احتج بها العلامة ولهذا قال في المدارك بعد أن أيدها بما ذكره: وهذا القول لا يخلو من رجحان. و (أما ثانيا) - فلأنه لا يخفى أن المكلف مأمور بالصلاة في وقتها آية ورواية، غاية الأمر أنها مشروطة بالطهارة المائية إن أمكنت وإلا فبالترابية لما دلت عليه الآية والأخبار المستفيضة، وحيث إنه لم يتمكن من المائية هنا لاستلزام استعمالها خروج الوقت تعينت الترابية، كما لو وجد ماء يستلزم السعي إليه خروج الوقت فإنه يتيمم اتفاقا كما تقدم. و (وأما ثالثا) - فلأنه لا ريب أن مشروعية التيمم إنما هو للمحافظة على ايقاع الصلاة في وقتها وإلا كان الواجب مع فقد الماء أو تعذر استعماله تأخير الصلاة عن وقتها إلى أن يتمكن من استعماله فيقضي الصلاة كما هو مقتضى كلام هذا القائل والمعلوم من الشرع خلافه، وحينئذ فمجرد وجود الماء في الصور المفروضة مع استلزام استعماله خروج الوقت في حكم العدم، وبذلك يظهر أن قوله في المدارك أنه لم يثبت كون عدم اتساع الوقت مسوغا للتيمم ليس في محله، وكيف لا ونظر الشارع أولا