في رواية السكوني - على عدم الرجاء مع تجويز الحصول. وأما حمل حسنة زرارة كما ذكره في المدارك على الاستحباب - كما هي قاعدتهم في جميع الموارد والأبواب - فقد بينا ما فيه في غير موضع من الكتاب، بل الوجه عندي في الجمع بينهما هو ما ذكرناه وإليه يشير كلامه في المدارك وكذا في المعتبر من اعتبار رجاء الإصابة في الطلب سواء كان في جميع الوقت أو بعضه (فإن قلت): ما الفرق بين رجاء الإصابة الذي حملت عليه الحسنة المذكورة وتجويز الحصول الذي حملت عليه رواية السكوني؟ (قلت): الفرق بينهما هو حصول الظن بالحصول في جانب الرجاء وعدمه في مجرد التجويز، فمتى ظن الحصول وجب عليه الطلب إلى أن يتضيق الوقت ولو لم يظنه بل جوز الحصول وعدمه على وجه يتساويان عنده فليس عليه إلا طلب الغلوة والغلوتين باعتبار السهولة والحزونة كما في رواية السكوني؟ وهو وجه حسن في الجمع بينهما وبه يزول الاشكال في هذا المجال. وأما قوله في المدارك - إشارة إلى الطعن في حسنة زرارة وما دلت عليه ومن وجوب التأخير إلى آخر الوقت - أن مقتضى كثير من الروايات جواز التيمم مع السعة حتى أنه اضطر بسبب ذلك إلى حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين تلك الأخبار - ففيه أن القول بوجوب التأخير إلى آخر الوقت مدلول جملة من الأخبار كما سيأتي بيانه إن شاء الله في محله فبعين ما يقال في الجواب عن تلك الأخبار يجاب عن هذه الحسنة المذكورة، وليس الدلالة على هذا القول مخصوصا بهذه الرواية كما يشير إليه كلامه وسيصرح به أيضا فيما يأتي حتى أنه يحملها على الاستحباب ينسد الكرم في هذا الباب.
بقي الكلام في أن الأصحاب ذكروا وجوب الطلب بالغلوة والغلوتين كما هو المذكور في رواية السكوني من الجهات الأربع والرواية خالية من ذلك، ولعل الوجه في تقييدهم اطلاق الرواية بالأربع الجهات أنه مع التجويز في الجهات الأربع يجب الطلب في الأربع، إذ الموجب للطلب هو تجويز الوجود ولهذا لو علم وتيقن انتفاء الوجود في جهة أو جهتين مثلا سقط وجوب الطلب فيهما اتفاقا.