غير الواجب والمستحب كما لا يخفى. (وأما الثاني) فمرجعه بعد التحرير إلى أن الثواب كما يكون للمستحب كذلك يكون للواجب فلم خصوا الحكم بالمستحب؟ كذا قرر السؤال بعض مشايخنا المعاصرين. وجوابه أن غرضهم (قدس الله أرواحهم) أن تلك الأحاديث إنما تثبت ترتب الثواب على فعل ورد فيه خبر يدل على ترتب الثواب لا أنه يعاقب على تركه وإن صرح به في الخبر الضعيف، لقصوره في حد ذاته عن اثبات ذلك الحكم وتلك الأحاديث لا تدل عليه، فالحكم الثابت لنا من هذا الخبر بانضمام تلك الأخبار ليس إلا الحكم الاستحبابي. أقول: قد يقال إن اللازم مما حررناه كون الحكم الثابت بانضمام تلك الأخبار هو مطلق الرجحان الشامل للوجوب والندب لا الحكم الاستحبابي بخصوصه، إذ كما أن قيد العقاب على تركه مما لا تدل عليه تلك الأخبار فكذلك جواز تركه لا إلى بدل لا تدل عليه أيضا ولا سيما مع تصريح الخبر الضعيف بضده أعني العقاب على تركه، نعم قد يخص الحكم الاستحبابي باعتبار ضميمة أصالة عدم الوجوب وأصالة براءة الذمة منه، فتأمل. ولو لم يحرر السؤال الثاني على الوجه الذي قررناه كان بطلانه أظهر وفساده أبين كما لا يخفى. و (أما السؤال الثالث) - ففيه (أولا) - أن التحقيق أن بين تلك الروايات وبين ما دل على عدم العمل بقول الفاسق من الآية المذكورة ونحوها عموما من وجه، فلو قرر السؤال - على حد ما حرره بعض المحققين - هكذا: لما كان بينهما عموم من وجه كما أشرنا إليه فلا ترجيح لتخصيص الثاني بالأول بل ربما رجح العكس لقطيعة سنده وتأيده بالأصل إذ الأصل عدم التكليف وبراءة الذمة، كان أقرب إلى الاعتبار والاتجاه، مع ما فيه من النظر والكلام إذ يمكن أن يقال إن الآية الكريمة إنما تدل على عدم العمل بقول الفاسق بدون التثبت، والعمل به فيما نحن فيه بعد ورود الروايات المعتبرة المستفيضة ليس عملا بلا تثبت كما ظنه السائل فلم تتخصص الآية الكريمة بالأخبار بل بسبب ورودها خرجت تلك الأخبار الضعيفة عن عنوان الحكم المثبت في الآية الكريمة، فتأمل. انتهى كلامه.
(٢٠٠)