أقول: لا يخفى ما في جواب شيخنا المشار إليه من التكلف والشطط والخروج عن حاق كلام ذلك الفاضل الموجب للوقوع في مهاوي الغلط، وعندي أن جميع ما أطال به هو ومن أشار إليه إنما هو تطويل بغير طائل وخروج عن صريح مقتضى كلام ذلك الفاضل، وذلك فإن ذلك الفاضل ادعى أن غاية ما تضمنته تلك الأخبار هو ترتب الثواب على العمل ومجرد هذا لا يستلزم أمر الشارع وطلبه لذلك العمل، فلا بد أن يكون هناك دليل آخر على طلب العفل والأمر به لترتب عليه الثواب بهذه الأخبار وإن لم يكن موافقا للواقع ونفس الأمر، وهذا الكلام جيد وجيه لا مجال لإنكاره، وحينئذ فقول المجيب - إن ترتب الثواب على عمل يساوق رجحانه. الخ - كلام شعري لا معنى له عند التأمل الصادق، فإن العبادات توقيفية من الشارع واجبة كانت أو مستحبة فلا بد لها من دليل صريح ونص صحيح يدل على مشروعيتها، وهذه الأخبار لا دلالة فيها على الثبوت والأمر بذلك وإنما غايتها ما ذكرناه. وأما قول ذلك الفاضل: ولو اقتضى ذلك لاستندوا. الخ فمعناه - كما هو ظاهر سياق كلامه - أنه لو اقتضى ترتب الثواب في هذه الأخبار طلب الشارع لذلك الفعل وجوبا أو استحبابا لكان الواجب عليهم الاستناد إلى هذه الأخبار في وجوب ما تضمن الخبر الضعيف وجوبه كما جروا عليه بالنسبة إلى ما تضمن الخبر الضعيف استحبابه مع أنهم لم يجروا هذا الكلام في الواجب. وحاصل الكلام الالزام لهم بأنه لا يخلو أما أن يقولوا إن ترتب الثواب في هذه الأخبار يقتضي الطلب والأمر بالفعل أم لا، فعلى الأول يلزمهم ذلك في جانب الوجوب كما التزموه في جانب الاستحباب مع أنهم لا يلتزمونه، وعلى الثاني فلا بد من دليل آخر يقتضي ذلك ويدل عليه، وإلى هذا أشار تفريعا على هذا الكلام بقوله: فلقائل أن يقول. الخ، وبذلك يتبين لك ما في تطويل شيخنا المشار إليه ومن نقل عنه واعتمد عليه من الخروج عن كلام هذا الفاضل إلى مقام آخر لا تعلق له بما ذكره وهو تطويل بغير طائل. وأما دعوى ذلك الفاضل أن الآية أخص مطلقا فصحيح لا أن بينها وبين تلك الأخبار عموما من وجه، فإن
(٢٠١)