الأخبار دلت على ترتب الثواب على العمل الوارد بطريق عن المعصوم (عليه السلام) سواء كان المخبر عدلا أم لا طابق خبره الواقع أم لا من الواجبات كان أم من المستحبات ومورد الآية رد خبر الفاسق تعلق بالسنن أو بغيرها، ولا ريب أن هذا العموم أخص من ذلك العموم مطلقا لا من وجه، ومن العجب قول المجيب بناء على زعمه العموم والخصوص من وجه وتقريبه السؤال بما ذكره: " وحينئذ فالجواب أن يقال إن الآية الكريمة إنما تدل. الخ " فإن فيه خروجا عن كلام ذلك الفاضل لأن هذه الأخبار لا تدل عنده على مشروعية العمل وإنما تدل على مجرد ترتب الثواب بعد ثبوت المشروعية بدليل آخر، فكيف يحصل التثبت بها في العمل وهل هذا إلا أول المسألة ومحل النزاع؟
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الظاهر أن الكلام في هذه المسألة سؤالا وجوابا ونقصا وإبراما إنما ابتنى على هذا الاصطلاح المحدث الذي جعلوا فيه بعض الأخبار وإن كانت مروية في الأصول المعتمدة المعتضدة بالقرائن المتعددة - ضعيفة ورموا بها من البين، وصاروا مع الحاجة إليها لضيق الخناق في هذا الاصطلاح يتسترون تارة بأنها مجبورة بالشهرة وتارة بما ذكروه في هذه المسألة من أن العمل في الحقيقة إنما هو بهذه الأخبار وأمثال ذلك مما أوضحناه، وإلا فمتى قلنا بصحة الأخبار المروية في أصولنا المعتبرة وأنه معتبرة معتمدة في ثبوت الأحكام كما عليه متقدمو علمائنا الأعلام وجم غفير من متأخريهم فإنه لا مجال لهذا البحث بالكلية، إذ العامل إنما عمل على ذلك الخبر لكونه معتبرا معتمدا، وهذا هو الأنسب بالقواعد الشرعية والضوابط المرعية، فإن الاستحباب والكراهة أحكام شرعية كالوجوب والتحريم لا تثبت إلا بالدليل الواضح والمنار اللائح، ومتى كان الحديث الضعيف ليس بدليل شرعي كما زعموه فلا يثبت به الاستحباب لا في محل النزاع ولا غيره، والتستر بأن ثبوت الاستحباب إنما حصل بانضمام هذه الأخبار كما ادعوه يؤدي إلى ثبوت الاستحباب بمجرد رؤية حديث يدل على ترتب الثواب على عمل ولو في ظهر كتاب أو في ورقة ملقاة أو بخبر عامي لصدق البلوغ بكل