لأصحابه إلا إذا رأى بينها خللا، فمتى قرب من الصف احترق من أنفاسهم كما في حديث " " يد الله مع الجماعة " ".
أي تأييده. وهذا الأمر لا يكاد يسلم منه أحد من المحبين للدنيا ومناصبها ووظائفها، فإن كل من سعى على وظيفة شخص صار عدوا له وإن لم يسع في الماضي ربما كان ناويا على السعي في المستقبل إذا رأى حاكما يجيبه إلى ذلك فتحس القلوب بذلك، فيكون عدوا مستورا في الظاهر دون الباطن، فلا ينبغي لأحد من هؤلاء أن يقف في صف من بينه وبينه عداوة ليطابق باطنه ظاهره، ويخرج عن صفة النفاق المشار إليها بقوله تعالى:
* (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) *.
اللهم إلا أن يقف بعد التوبة ناويا التقرب إليه تمييلا لخاطره، ووالله لو كان أئمة الدين على قلب رجل واحد ما دخل في الشريعة نقص قط ولا أطاق مخالفتهم أحد من الولاة، وكان كل من خالفهم هلك بسرعة، ولكنهم اختلفوا * (ليقضي الله أمرا كان مفعولا) *.
وأما غير أئمة الدين ممن يحب الدنيا فقد كفى الله الظلمة شرهم لأنهم لا يزالون يستمطرون منهم الرزق، فإن أعطوهم شيئا من سحت الدنيا خرس لسانهم وذهب سمعهم وبصرهم، وصاروا خرسا صما عميا، فوجودهم كالعدم وإن لم يعطوهم فهم يوافقونهم في أغراضهم ضرورة تمييلا لخاطرهم ليعطوهم كما أعطوا غيرهم، ويصيروا كذلك خرسا صما عميا، فهذا هو الباب الذي دخل منه النقص في الدين، ولو كان العلماء كلهم زاهدين ما دخل في الدين نقص، فجاهد يا أخي نفسك على يد شيخ ليخرجك من رعونات النفوس حتى لا يبقى في نفسك شهوة ولا حرص على شئ من الدنيا، وأمر أصحابك بالمجاهدة على يد شيخ كذلك ثم تراصوا في الصف بعد ذلك، وإن لم يتيسر ذلك فقفوا في الصف واستغفروا الله من كل ذنب يعلمه الله.
* (والله غفور رحيم) *.
روى الإمام أحمد والطبراني وإسناد أحمد لا بأس به مرفوعا:
" " سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل فيما بينكم بمنزلة الخذف " ".