يجمع الفقراء الموجودين في العصر ويقرؤون الفاتحة ويدعون له ثم يلبسه الجبة بحضرتهم، فكانوا ينكرون على كل من لبس الصوف قبل خمود نار بشريته ويأمرونه بالنزع لرد ذلك.
وكان سيدي أحمد بن الرفاعي إذا رأى على فقير جبة صوف وهو محتاج إلى رياضة الأخلاق يقول له أخلع يا ولدي هذا اللباس وجاهد نفسك حتى تخمد نارها بحيث لو لطخ أحد وجهك بالعذرة بحضرة الناس، ولطخ ثيابك لا تتأثر: ورأي مرة شخصا عليه سيما الصالحين لابسا صوفا فقال يا ولدي إنما تزينت بزي الصالحين وحليت بحلية المتقين، فإن لم تسلك طريقهم وإلا فانزع لباسهم: وكان يمنع أصحابه من إرخاء العذبة ويقول لا ترخوا العذبة حتى تخمد نيران نفوسكم، فإن من أرخاها بنية التمشيخ فهو حرام.
فاعمل يا أخي على تحصيل الأخلاق الباطنة حتى يشهد لك شيخك بالكمال أولا، ثم البس الصوف ليشاكل ظاهرك باطنك وإن لم يوافق باطنك ظاهرك فالبس لبس العوام من آحاد الناس.
وقد رأيت جماعة يلبسون الصوف ويأخذون في أيديهم السبحة وألسنتهم كالعقارب وأفواههم كأفواه التماسيح وبطونهم كالسفن ثم بعد ذلك يدعون الطريق فإياك وإياهم.
بل رأيت من عمل منهم مكاسا وهذا كله لا ينبغي لأحد من أهل الطريق أن يقر عليه إلا من كان من أهله، وقد أدركنا طريق الفقراء ولها حرمة عند الناس وعلى أصحابها الخير والهيبة، فرفع الله تعالى ذلك بموت شيخنا سيدي علي المرصفي بمصر رضي الله عنه، وموت سيدي علي الخواص، وموت سيدي محمد الشناوي رضي الله عنهم، فما رأيت أشد تعظيما لأولاد الفقراء من هؤلاء الثلاثة.
وقد حكى سيدي محمد الشناوي أن سيدي الشيخ عبد الرحيم القناوي قام لكلب مر عليه فلامه بعض الناس فقال إنما قمت لزي الفقراء الذي في عنقه، فرأوا في عنق الكلب شرموطا من جبة فقير، فاعلم ذلك ولا تلبس لباس شهرة، والله يتولى هداك.
روى الطبراني مرفوعا: " " ما من أحد يلبس ثوبا ليباهي به فينظر الناس إليه إلا لم ينظر الله تعالى إليه حتى ينزعه متى نزعه " ".
وروى الإمام أحمد: عن ضمرة بن ثعلبة: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم