كف بصره يقول نويت الاستشفاء بالعلم فيذهب الوجع لوقته: وقال لي مرارا عند ثوران الصداع برأسي قل نويت الاستشفاء بالعلم فأقول ذلك فيذهب الوجع لوقته فلا أدري هل ذلك من جهة إخلاصي أو ذلك ببركة الشيخ رضي الله عنه.
وأعلم أن المروءة من الإيمان ولا مروءة لمن يسأل الناس وهو قادر على الكسب، فمن أراد العمل بهذا العهد فليسلك طريق القوم على يد شيخ صادق يسير به حتى يدخل به حضرات اليقين ويرى أهلها ويخالطهم ويصير معتمدا على الله تعالى لا على الكسب ولا على أحد من الخلق وهناك لا يضره سؤال إن شاء الله تعالى لأنه حينئذ إنما يسأل من الله تعالى والخلق أبواب للحق فهو مع صاحب رب الدار لا مع الدار ولا مع بابها، ومن لم يسلك على يد شيخ فغالب أحواله علل، فإن سأل كان لعلة وإن ترك كان لعلة.
والله أعلم.
روى الشيخان وغيرهما مرفوعا: " " لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس بوجهه مزعة لحم " ".
وروى البخاري وابن ماجة: " " لأن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " ".
وروى البخاري: " " ما أكل أحد طعاما خيرا له من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده " ".
وفي رواية: " " إنه كان يعمل القفاف من الخوص " ".
وروى أبو داود والترمذي مرفوعا: " " إنما السائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، ومن شاء ترك إلا أن يسأل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بدا " ". الكدوح: الخموش.
وروى البيهقي: " " من سأل الناس من غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم يأتي يوم القيامة بوجهه ليس عليه لحم " ".