سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا ينبغي لأحد أن يوصي بدفنه في مكان معين، إلا إن أعطاه الله تعالى علم ذلك من طريق كشفه الصحيح الذي لا يدخله محو أن ذلك المكان الذي عينه هو الذي ذر على سرته منه يوم ولد، وعرف الملك الذي ذره عليه.
وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول: أعرف موضع طينتي التي عجنت مع طينة أبي آدم عليه السلام، ولم تزل روحي تشاهد ذلك المكان إلى وقتي هذا فقلت له سألتك بالله أن تعلمني بمحلها. فقال على يمين منزل الحاج ببدر، قريبا من مسجد الغمام. فلما حضرته الوفاة سافر إلى هناك فدفن بها، فكان الأمر كما قال، وأخبرتني والدته بعد موته أنه قال لها ليلة النصف من شعبان تلك السنة التي مات فيها: إن ورقتي الليلة نزلت بموتي ودفني في بدر. قالت: فقلت إن ولدي ميت تلك السنة لأني ما عهدت عليه قط كذبا، فسافر تلك السنة إلى مكة وهو مريض، فصار الناس يقولون له حج مثلك لا يجب ولا يستحب بالإجماع، فيقول ما أنا مسافر للحج وإنما أسافر لقبري، فمرض في الذهاب ومات قبل بدر بمرحلة فحمل إلى بدر رضي الله عنه فمثل هذا هو الذي يوصي بالدفن بمكان معين.
وقد قال شخص لسيدي علي الخواص مرة: دستور نعمل لكم مدفنا فيه؟
فقال نحن ليس لنا مع الله اختيار في حال حياتنا فكيف يكون لنا معه اختيار بعد موتنا.
ولما مات وخرجنا مع جنازته للصلاة عليه في جامع الحاكم بمصر، وكانت السماء تمطر كأفواه القرب حال الصلاة عليه، قلت لأخي أفضل الدين: أي مكان تقولون يدفن؟ فقال في زاوية الشيخ بركات خارج باب الفتوح فعارض في دفنه هناك شرف الدين الصغير أكبر جماعة الديوان، وقال لا بد من دفنه في تربتي بالقرب من الإمام الشافعي، وساعده في ذلك جماعات كثيرة وأخي أفضل الدين يقول لي: لا تتكلم لو كان معهم جن سليمان ما قدر أحد ينقله إلى القرافة فكان الأمر كما قال فخطف التابوت جماعة من الزعر والشطار وخرجوا به نحو باب الفتوح رضي الله عنه.
وكان سيدي علي وأخي أفضل الدين يكرهان بناء القبة على القبر ووضع التابوت الخشب والستر عليه ونحو ذلك لآحاد الناس، ويقولون هذا لا يليق إلا بالأنبياء ومن داناهم من الأولياء الأكابر، وأما نحن فمقامنا الدفن تحت نعال الناس في الشوارع.
ورأي أخي أفضل الدين مجذوبا طلع لنائب مصر وقال له ابن لي زاوية وقبة، فقال