شيطان، ثم ناداه ثالثا فقال شيطان، فلما ناداه الرابعة قال اللهم إن كان هذا وارد حق من جهتك فاقلب لي هذا النهر لبنا حتى أغرف منه بقصعتي هذه، فانقلب النهر لبنا وشرب منه فعلم أنه وارد حق فلما دخل مصر وجد أخاه الشيخ حسنا التستري سبقه إلى مصر ولكن لم يتصدر للمشيخة، فقال له يوسف يا حسن، الطريق لواحد لأنها على الأخلاق الإلهية فإما أن أبرز وتكون وزيري وخادمي وإما أن تبرز وأكون وزيرك وخادمك، فرد الشيخ حسن الأمر لسيدي يوسف فبرز وصار سيدي حسن يخدمه إلى أن مات، فبرز سيدي حسن بعده بإذنه له في حياته فأظهر في الطريق العجائب والغرائب ونزلت له الملوك والأمراء فلم تزل الحسدة يلقون فيه إلى السلطان الكلام القبيح لينفروه عنه حتى امتنع من زيارته وأمر بسد باب زاويته عليه، وكان الشيخ والفقراء غائبين في وليمة فلما رجعوا آخر النهار وجدوا باب الزاوية مسدودا، فقال الشيخ من فعل هذا فقالوا الوزير، فقال:
ونحن نسد طبقات بدنه فعمى وطرش وخرس وانكتم من المخرجين فمات لوقته فبلغ السلطان ذلك وقالوا إن هذا الأمر ما كان إلا لمولانا السلطان والوزير حمله عنه فنزل السلطان ثانيا لزيارته واستغفر مما صدر منه واعتذر منه، وكان اسمه السلطان شعبان ابن السلطان حسن، هذه حكاية سيدي علي المرصفي رحمه الله: وأخبرني مرة بأن شيخه سيدي محمدا ابن أخت سيدي مدين كان عزيزا الإذن فقال لي يا علي أبرز فقد جاءك الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلت يده، ولم أبرز خوفا أن يكون ذلك من مكر الأشياخ بالمريد كما وقع لغيري ومراد الشيخ أذن لك رسول الله أن تبرز للصحراء ونحوها بالإذن العام قال: فمكثت حتى جاءني الأمر من الله تعالى فبرزت حينئذ وجلست في بلدي مرصفة فلقنت نحو العشرة آلاف فقير، فجاءني الشيخ عبد القادر الدشطوطي وقال يا علي قم اخرج سح في الأرض وخل هذا التقيد، فقلت له اللائق بي ما أنا فيه واللائق بك ما أنت فيه فانصرف.
وقال لي مرة: يا ولدي لا يصح الإذن لفقير من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع مائتي ألف مقام وسبع وأربعين ألف مقام رضي الله تعالى عنه.
فاسلك يا أخي على يد شيخ لتعرف الطريق ومخارسها ومهالكها وتصير إن اعتزلت تكون عزلتك بحق وإن خالطت تكون مخالطتك بحق.
وإلا فمن لازمك الهوى وحظ النفس قربا أو بعدا لأنك إن قربت منهم كان لعلة