بدليله كالنزول إلى سماء الدنيا، وغير ذلك من آيات الصفات وأخبارها لينظر كيف يعملون؟
هل يؤمنون بما أضافه الحق تعالى إلى نفسه على ألسنة رسله وإن لم يتعقلوه؟ أم يردون ذلك على الرسل أو يقبلونه، لكن بعد تحريفه بالتأويل عن مواضعه، فيفوتهم الإيمان الكامل كما يقع فيه غالب الناس فيخافون أن يكذبوا الرسل فتضرب أعناقهم، ويخافون أن يقبلوا آيات الصفات على ظاهرها فيقعون في التشبيه، فلذلك رأوا التأويل أحسن عندهم لأنه طريق وسطي بين طريقين، وإنما قلنا فاتهم كمال الإيمان دون فوات الإيمان كله، لأنه لولا آمنوا به ما اشتغلوا بتأويله ولكانوا يرونه لغيرهم.
فاعمل يا أخي بأوامر الحق على الوجه المشروع سواء أعقلت معناها أم لم تعقل وسيأتي في الأحاديث ما يشير إلى الحكمة.
وذكر الشيخ محي الدين في باب الحج من الفتوحات ما نصه:
إنما كان حصى الرمي سبعا لأن الشيطان يأتي الرامي هناك بسبع خواطر لا بد من ذلك فيرمي كل خاطر بحصاة، ومعنى التكبير عند كل حصاة الله أكبر من هذه النسبة التي أتانا بها الشيطان وأطال في ذلك ثم قال:
فإذا أتاك بخاطر الشبهة بالإمكان للذات، فارمه بحصاة الافتقار إلى المرجح، وهو أنه واجب الوجود لنفسه.
وإن أتاك بأنه جوهر فارمه بالحصاة الثانية، وهو دليل الافتقار إلى التحيز والوجود بالغير.
وإن أتاك بخاطر الجسمية فارمه بحصاة الافتقار إلى الأداة والتركيب والإبعاض.
وإن أتاك بالعرضية فارمه بحصاة الافتقار إلى المحل والحدوث بعد أن لم يكن.
وإن أتاك بالعلية وهي دليل مساواة المعلول له في الوجود فارمه بالحصاة الخامسة وهي:
" " كان الله ولا شئ معه " ".
وإن أتاك بالطبيعة فارمه بالحصاة السادسة وهي دليل نسبة الكثرة إليه، وافتقار كل واحد من آحاد الطبيعة إلى الأمر الآخر في الاجتماع به إلى إيجاد الأجسام الطبيعة، فإن الطبيعة مجموع فاعلين ومفعولين حرارة وبرودة، ورطوبة ويبوسة، ولا يصح اجتماعها لذاتها ولا افتراقها لذاتها ولا وجود لها إلا في عين الحار والبارد والرطب واليابس.
وإن أتاك بالعدم وقال لك فإذا لم يكن الحق هذا ولا هذا من جميع ما تقدم فما ثم شئ،