بينهم اختلافا في ذلك. وكذلك حكاه الشافعي عن جميع المفتين. وقال: لا اختلاف بينهم في ذلك. وقال ابن المنذر: لست أعلم في منع ذلك اختلافا اليوم، وإنما قال بالجواز فرقة من الخوارج، وهكذا حكى الاجماع القرطبي واستثنى الخوارج. قال: ولا يعتد بخلافهم لأنهم مرقوا من الدين، وهكذا نقل الاجماع ابن عبد البر ولم يستثن. ونقله أيضا ابن حزم واستثنى عثمان البتي. ونقله أيضا النووي واستثنى طائفة من الخوارج والشيعة. ونقله ابن دقيق العيد عن جمهور العلماء ولم يعين المخالف، وحكاه صاحب البحر عن الأكثر وحكي الخلاف عن البتي وبعض الخوارج والروافض، واحتجوا بقوله تعالى: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * (سورة النساء، الآية: 24) وحملوا النهي المذكور في الباب على الكراهة فقط، وجعلوا القرينة ما في حديث ابن عباس من التعليل بلفظ: فإنكن إذا فعلتن ذلك قطعتن أرحامكن وقد رواه ابن حبان هكذا بلفظ الخطاب للنساء. وفي رواية ابن عدي بلفظ الخطاب للرجال. والمراد بذلك أنه إذا جمع الرجل بينهما صارا من نسائه كأرحامه، فيقطع بينهما بما ينشأ بين الضرائر من التشاحن، فنسب القطع إلى الرجل لأنه السبب، وأضيفت إليه الرحم لذلك. وحديث ابن عباس هذا المصرح بالعلة في إسناده أبو حريز بالحاء المهملة ثم الزاي اسمه عبد الله بن حسين وقد ضعفه جماعة، ولكنه قد علق له البخاري ووثقه ابن معين وأبو زرعة، قال في التلخيص: فهو حسن الحديث ويقويه المرسل الذي ذكرنا قالوا: ولا شك أن مجرد مخافة القطيعة لا يستلزم حرمة النكاح، وإلا لزم حرمة الجمع بين بنات عمين وخالين لوجود علة النهي في ذلك، ولا سيما مع التصريح بذلك كما في مرسل عيسى بن طلحة فإنه يعم جميع القرابات. وأجيب بأن قطيعة الرحم من الكبائر بالاتفاق، فما كان مفضيا إليها من الأسباب يكون محرما، وأما الالزام بتحريم الجمع بين سائر القرابات فيرده الاجماع على خلافه فهو مخصص لعموم العلة أو لقياسها. وأما قوله تعالى: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * فعموم مخصص بأحاديث الباب. قوله: وجمع عبد الله بن جعفر هذا وصله البغوي في الجعديات، وسعيد بن منصور من وجه آخر، وبنت علي هي زينب، وامرأته هي ليلى بنت مسعود النهتلية. وفي رواية سعيد بن منصور: أن بنت علي هي أم كلثوم بنت فاطمة، ولا تعارض بين الروايتين في زينب وأم كلثوم، لأنه تزوجهما عبد الله بن جعفر واحدة بعد أخرى مع بقاء ليلى في عصمته، وقد وقع
(٢٨٧)