أبي هريرة ما يشهد له وأخرجه البيهقي أيضا، وأجيب بما قاله الحافظ في الفتح أنه لا يصح من روايات الاذن بالمتعة شئ بغير علة إلا في غزوة الفتح وذلك لأن الاذن في عمرة القضاء لا يصح لكونه من مراسيل الحسن ومراسيله ضعيفة، لأنه كان يأخذ عن كل أحد، وعلى تقدير ثبوته فلعله أراد أيام خيبر لأنهما كانا في سنة واحدة كما في الفتح وأوطاس لأنهما في غزوة واحدة، ويبعد كل البعد أن يقع الاذن في غزوة أوطاس بعد أن يقع التصريح في أيام الفتح قبلها فإنها حرمت إلى يوم القيامة، وأما في غزوة خيبر فطريق توجيه الحديث وإن كانت صحيحة، ولكنه قد حكى الحميدي عن البيهقي أن سفيان كان يقول: إن قوله في الحديث يوم خيبر يتعلق بالحمر الأهلية لا بالمتعة. وذكر السهيلي أن ابن عيينة روى عن الزهري بلفظ: نهى عن أكل الحمر الأهلية عام خيبر وعن المتعة بعد ذلك أو في غير ذلك اليوم انتهى. وروى ابن عبد البر أن الحميدي ذكر عن ابن عيينة أن النهي زمن خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأما المتعة فكان في غير يوم خيبر، قال ابن عبد البر: وعلى هذا أكثر الناس. وقال أبو عوانة في صحيحه: سمعت أهل العلم يقولون:
معنى حديث علي أنه نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأما المتعة فسكت عنها وإنما نهى عنها يوم الفتح انتهى. قال في الفتح: والحامل لهؤلاء على هذا ما ثبت من الرخصة فيما بعد زمن خيبر كما أشار إليه البيهقي، ولكنه يشكل على كلام هؤلاء ما في البخاري في الذبائح من طريق مالك. بلفظ: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية. وهكذا أخرجه مسلم من رواية ابن عيينة. وأما في غزوة حنين فهو تصحيف كما تقدم والأصل خيبر، وعلى فرض عدم ذلك التصحيف فيمكن أن يراد ما وقع في غزوة أوطاس لكونها هي وحنين واحدة، وأما في غزوة تبوك فلم يقع منه صلى الله عليه وآله وسلم إذن بالاستمتاع كما تقدم، وإذا تقرر هذا فالاذن الواقع منه صلى الله عليه وآله وسلم بالمتعة يوم الفتح منسوخ بالنهي عنها المؤبد كما في حديث سبرة الجهني.
وهكذا لو فرض وقوع الاذن منه صلى الله عليه وآله وسلم بها في موطن من المواطن قبل يوم الفتح كان نهيه عنها يوم الفتح ناسخا له. وأما رواية النهي عنها في حجة الوداع فهو اختلاف على الربيع بن سبرة، والرواية عنه بأن النهي يوم الفتح