ابن عباس بإباحتها، ولكن قال ابن عبد البر: أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن على إباحتها ثم اتفق فقهاء الأمصار على تحريمها. وقد ذكر الحافظ في فتح الباري بعدما حكى عن ابن حزم كلامه السالف المتضمن لرواية جواز المتعة عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم مناقشات فقال: وفي جميع ما أطلقه نظر، أما ابن مسعود إلى آخر كلامه فليراجع. وقال الحازمي في الناسخ والمنسوخ بعد أن ذكر حديث ابن مسعود المذكور في الباب ما لفظه: وهذا الحكم كان مباحا مشروعا في صدر الاسلام، وإنما إباحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم للسبب الذي ذكره ابن مسعود، وإنما ذلك يكون في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنه غير مرة، ثم أباحه لهم في أوقات مختلفة، ثم حرمه عليهم في آخر أيامه صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في حجة الوداع، وكان تحريم تأييد لا توقيت، فلم يبقى اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار وأئمة الأمة إلا شيئا ذهب إليه بعض الشيعة. ويروى أيضا عن ابن جرير جوازه انتهى. إذا تقرر لك معرفة من قال بإباحة المتعة فدليلهم على الإباحة ما ثبت من إباحته صلى الله عليه وآله وسلم لها في مواطن متعددة. منها في عمرة القضاء كما أخرجه عبد الرزاق عن الحسن البصري وابن حبان في صحيحه من حديث سبرة. ومنها في خيبر كما في حديث علي المذكور في الباب. ومنها عام الفتح كما في حديث سبرة بن معبد المذكور أيضا. ومنها يوم حنين رواه النسائي من حديث علي. قال الحافظ: ولعله تصحيف عن خيبر، وذكره الدارقطني عن يحيى بن سعيد بلفظ حنين. ووقع في حديث سلمة المذكور في الباب في عام أوطاس. قال السهيلي: هو موافق لرواية من روى عام الفتح فإنهما كانا في عام واحد. ومنها في تبوك رواه الحازمي والبيهقي عن جابر، لكنه لم يبحها لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنالك، فإن لفظ حديث جابر عند الحازمي: قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند الثنية مما يلي الشام جاءتنا نسوة تمتعنا بهن يطفن برحالنا، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنهم فأخبرناه فغضب وقام فينا خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ونهى عن المتعة، فتوادعنا يومئذ ولم نعد ولا نعود فيها أبدا، فلهذا سميت ثنية الوداع. قال الحافظ: وهذا إسناد ضعيف، لكن عند ابن حبان من حديث
(٢٧٢)