فعد منهم السقط ولم يسقط ذكر نسبه، ومنهم من أسقطه ولم ير أن يحتسب في العدة به، فجاء قول كل واحد بمقتضى ما اعتمده في ذلك ويحسبه) (1)، ويظهر من كلامه (ولم ير أن يحتسب في العدة به) أن منشأ الاختلاف يعود للجهة التي ذكرناها وليس للتشكيك في أصل وجوده. يقول السيد محسن الأعرجي الكاظمي (قدس سره) المتوفى سنه 1227 ه في تعداد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام: (وله من الأولاد سبعة وعشرون: الحسنان، وزينب الكبرى، والصغرى المكناة بأم كلثوم، أمهم فاطمة الطهر البتول،... فان ضممنا المحسن كانوا ثمانية وعشرين) (2). وفي العبارة تأكيد على أن الاختلاف في عدد أولاد أمير المؤمنين عليه السلام إنما في حسبان المحسن الشهيد عليه السلام في العدة أم لا، لا أن هناك تشكيكا في أصل وجوده، ويدل على ذلك أن السيد الأعرجي نفسه قال في أولاد فاطمة الزهرا ء عليها السلام: (ولها من الأولاد الحسنان، والمحسن، وزينب، وأم كلثوم) (3). وبناء على ذلك فليس من المجازفة فيما لو قيل إن عبارة الشيخ المفيد فيها إشارة إلى هذه الجهة، أي اعتبار المحسن في العدد باعتباره أحد أولاد أمير المؤمنين أو عدم اعتباره لأنه مات سقطا فور ولادته، ومن يموت له جنين فان غالبية الناس لا يحسبونه في عدد أولاده.
ج - إن بعض من ذكر عبارة الشيخ المفيد كابن البطريق نقلها بالشكل التالي: (وفي رواية إن فاطمة صلوات الله عليها أسقطت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ذكرا كان سماه النبي وهو حمل محسنا، فعلى هذه الرواية أولاد أمير المؤمنين عليه السلام ثمانية وعشرون ولدا) (4).
ومثل هذا الاختلاف في النقل يثير احتمالا بتفاوت النسخ الموجودة لكتاب الارشاد وبالتالي يتطرق الشك لأصل صدور العبارة من الشيخ المفيد. ولا يخفى بما سردناه سابقا عن كتب: كامل الزيارات ودلائل الإمامة والكافي والخصال والأمالي وتفسير القمي أن وجود محسن السقط ليس منحصرا في رواية أو كتاب.
د - أن بعض علماء العامة جعل القول بوجود السقط محسن هو قول الشيعة من غير تقييد، ومن ذلك ما ذكره علي بن محمد بن أحمد المالكي الشهير ب (ابن الصباغ) (المتوفى سنه 855 ه) بقوله: (وذكروا أن فيهم محسنا شقيقا للحسن والحسين عليهم السلام ذكرته الشيعة وأنه كان سقطا) (5)، مما يعني أن أهل العامة أيضا فهموا إن وجود السقط محسن يعتبر من الأمور المسلمة لدي الشيعة مطلقا.