بإمام الجماعة، وليس في عبارات الأصحاب في هذا الباب أجلى ولا أوضح منها، ويؤكد ذلك قوله في باب الجماعة من الكتاب المذكور: وأولى الناس بها إمام الملة أو من نصبه فإن تعذر الأمران لم تنعقد إلا بإمام عدل... إلى آخره. ومنه يعلم أن حكم الجمعة والجماعة عنده أمر واحد.
ومراده بالوجوب العيني كما صرح به أخيرا في كتابه حيث قال بعد ذلك:
وإذا تكاملت هذه الشروط انعقدت جمعة وانتقل فرض الظهر من أربع ركعات إلى ركعتين بعد الخطبة، وتعين فرض الحضور على كل رجل مسلم بالغ سليم مخلى السرب حاضر بيته وبينها فرسخان فما دونهما ويسقط فرضها عن من عداه فإن حضرها تعين عليه فرض الدخول فيها جمعة.
ومن العجيب مع تصريحه بذلك في الكتاب المذكور ما اتفق لشيخنا الشهيد في البيان حيث إنه نقل عنه القول بعدم شرعيتها في حال الغيبة كما ذهب إليه سلار وابن إدريس مع تصريحه كما سمعت بالوجوب العيني، مع أنه نقل عنه في كتاب نكت الارشاد القول بالاستحباب الراجع إلى الوجوب التخييري وكذا نقله عنه العلامة في المختلف، وكل من النقلين كما ترى ليس في محله لما عرفت من تصريحه بالوجوب العيني.
الثالث - الشيخ أبو الفتح الكراجكي في كتابه المسمى بتهذيب المسترشدين قال - بعد أن ذكر جملة من أحكام الجمعة وأن العدد المعتبر فيها خمسة - ما هذا لفظه: وإذا حضرت العدة التي يصح أن تنعقد بحضورها الجماعة يوم الجمعة وكان إمامهم مرضيا متمكنا من إقامة الصلاة في وقتها وايراد الخطبة على وجهها وكانوا حاضرين آمنين ذكورا بالغين كاملين العقول أصحاء وجبت عليهم فريضة الجمعة جماعة وكان على الإمام أن يخطب بهم خطبتين ويصلي بهم بعدهما ركعتين... إلى آخره. وهذه العبارة أيضا صريحة في الاكتفاء للجمعة بإمام مرضي الجماعة وهي لعمومها لحال الحضور والغيبة كعبارة المفيد في الإشراف.