الأخبار، وأن جميع علماء الاسلام طبقة بعد طبقة قاطعون بأن النبي صلى الله عليه وآله استمر بفعلها على الوجوب العيني طول حياته المقدسة وأن النسخ لا يكون بعده، ولم يذهب إلى اشتراط وجوبها بشرط يوجب سقوطها إلا رجل أو رجلان من متأخري فقهائنا الذين هم أصحاب الرأي والاجتهاد دون الأخباريين من القدماء الذين هم لا يتجاوزون مدلول ألفاظ الكتاب والسنة وأخبار أهل البيت (عليه السلام) (1) فإنه لا خلاف بينهم في وجوبها العيني الحتمي وعدم سقوطها أصلا إلا للتقية، كما لا اختلاف في ألفاظ القرآن والحديث في ذلك، وإنما وقعت في الشبهة أصحاب الآراء من المتأخرين لما رأوا من ترك أجلة الأصحاب لها برهة من الزمان دون برهة فزعموا أن لها شرطا آخر غير ما ثبت من الأخبار الصحيحة وأنه قد يوجد وقد لا يوجد وإلا لما تركها هؤلاء الأجلاء وقتا دون وقت كما قال الشيخ الشهيد (قدس سره) بعد اثباته الوجوب العيني بالبرهان: إلا أن عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في سائر الأعصار والأمصار (2) واتفقت آراؤهم على أن ذلك الشرط إنما هو حضور السلطان العادل أو من نصبه لذلك، وكأنهم عنوا بالسلطان العادل - كما صرح به بعضهم - الإمام المعصوم عليه السلام فاشترطوا حضوره إذا تيسر كما في بلد إقامته في دولة الحق وإذنه عليه السلام لها إذا لم يتيسر الحضور كما في البلاد الآخر ذلك الوقت، ولذلك لما رأوا أن الأئمة كانوا كذلك يفعلون في دولتهم محقين كانوا أو مبطلين ولما رأوا أن العامة يستدلون عليه بأن الاجتماع مظنة النزاع ومثار الفتن والحكمة موجبة لحسم مادة الاختلاف ولن يستمر الأمر إلا مع السلطان فاستحسنوا هذا الاستدلال كما استحسنوا أصل الاجتهاد والقول بالرأي منهم ثم زعموا أن ذلك كان شرطا لشرعية هذه الصلاة. ثم اختلف هو هؤلاء فمنهم من عمم هذا الشرط لزمان الحضور والغيبة
(٣٩٢)