خيار البائع قد يكون ضرريا على المشتري. فإن دعوى جبر ضرر البائع بالخيار إنما تتناسب مع الوجه الثاني لا الأول.
بيان ذلك: أنه إذا ادعي أن تحكيم " لا ضرر " بالنسبة إلى المشتري ممتنع، لاستلزامه الضرر على البائع بالتفريق وهو خلاف المنة، أمكن أن يناقش بأن ضرر البائع يمكن جبره بالخيار فيكون مشمولا لقاعدة " لا ضرر " أيضا كضرر المشتري فيكون كلاهما مشمولا للقاعدة فلا ينافي الامتنان حينئذ.
أما إذا ادعي أن العمل بدليل الخيار بالنسبة إلى المشتري ممتنع، لحكومة قاعدة نفي الضرر عليه بلحاظ ضرر البائع، فلا معنى لأن يدعى إمكان جبره، إذ مرجع دعوى جبره إلى دعوى شمول قاعدة " لا ضرر " له وهذا مفروض في أصل الدليل، فلا معنى لأن يكون هو مادة المناقشة. فانتبه.
وبالجملة، على التقريب الأول يكون المانع من العمل بدليل الخيار نفس " لا ضرر ". وعلى التقريب الثاني يكون المانع من العمل به نفس الضرر، فيتأتى فيه حديث الانجبار دون الأول.
والحاصل: أنه يمكننا الجزم بأن نظر الشيخ (قدس سره) إلى التقريب الثاني.
والذي يظهر منه أن نظره في التقريب إلى ما ذكرناه من أن تحكيم " لا ضرر " ههنا خلاف المنة لاستلزامها الضرر، ولا إشعار في كلامه إلى ملاحظة كون المورد من موارد تعارض الضررين، بل لا وجه له، إذ مورد تعارض الضررين هو ما إذا دار الأمر بين ضررين بنحو لا يمكن تطبيق قاعدة " لا ضرر " بالنسبة إليهما معا، بل كان جريانها في كل منهما منافيا لجريانها في الآخر.
وما نحن فيه ليس كذلك، إذ يمكن تطبيق " لا ضرر " بالنسبة إلى كلا الضررين ضرر الصبر على المعيب بالنسبة إلى المشتري وضرر التفريق بالنسبة إلى البائع بلا تعارض.
والشيخ (قدس سره) وإن لم يرتض تحكيم " لا ضرر " بالنسبة إلى ضرر البائع، لكنه لا من باب المعارضة بل من جهة أخرى.