والأرش هو مقتضى النصوص الدالة على ثبوت الرد، لأنها بإطلاقها تدل على ثبوت رد البيع أعم من رده بتمام الثمن أو رده في الجملة في بعض الثمن، لأن رد بعض الثمن مخالف لمقتضى البيع فهو رد له.
ويرد عليه أن هذا إنما يتم على أحد تقديرين:
أحدهما: الالتزام بأن الأوصاف تقابل بالثمن بحيث يكون جزء منه بإزاء الوصف، فإذا تخلف كان للمشتري أن يأخذ من الثمن ما قابل المتخلف.
ولكن قد أشرنا سابقا إلى عدم صحة هذا الالتزام، وأن الوصف لا يقابل بالثمن وإن أوجب زيادة الثمن المبذول بإزاء العين مضافا إلى أن مقتضاه الرجوع بجزء من الثمن المبذول بإزاء العين، والحكم بالأرش المفروض لا يرجع إلى ذلك بل هو بذل التفاوت وإن كان من غير عين الثمن.
والآخر: الالتزام بأن مقتضى البيع عدم الأرش بحيث يكون ثبوت الأرش منافيا لمقتضاه، فيكون أخذه ردا للبيع بهذا اللحاظ.
ولكن هذا الالتزام غير صحيح، إذ البيع من جهة الأرش لا اقتضاء وليس مقتضيا لعدمه، إذ الأرش يثبت بملاحظة بعض الجهات، كتدارك الخسارة ونحوها، وهذا أجنبي عن مقتضى البيع من استحقاق تمام الثمن، فالتفت.
الثاني: أن الملاك في ثبوت الأرش هو تدارك الفائت، ومن الواضح أن هذا الملاك موجود في كلتا الحالتين أعني حالة إمكان الرد وحالة عدم إمكانه.
وما يتوهم كونه موجبا لاختصاصه بحالة عدم إمكان الرد هو رعاية حال البائع عند إمكان الرد، فيكون مانعا من تأثير المقتضي في مقتضاه.
وهذا لا يصلح للمانعية، إذ لو ثبت أنه مانع لزم أن يتقيد أخذ الأرش بما إذا لم يرض البائع بالرد، مع أنه ثابت بقول مطلق. فيظهر منه أنه غير مانع فيثبت الأرش في كلتا الحالتين عملا بالمقتضي.