وتحقيق الحال: إنه إن بنينا على أن القبض دخيل في نفوذ المعاملة وأنها لا تتم بدونه فالحكم واضح، إذ بدون قبض الثمن المعين لا يحصل الملك فتلفه من المشتري على القاعدة. ولعل تحقق التسالم الذي يظهر من كلام الشيخ (قدس سره) خير دليل على أصل المبنى بعد عدم وجود ما يساعد عليه من الأدلة والعلم بعدم وصول نص خاص للمجمعين، فهم يفتون على طبق أمر ارتكازي عرفي وعلى طبق القاعدة وليس ذلك إلا من جهة توقف البيع على القبض.
ولعله مما يشير إلى ذلك رواية عقبة بعد حملها على المتعارف في باب البيع من كون الثمن كليا في الذمة، فإنها ظاهرة في أن ضمان المشتري لحق البائع بعد القبض فلا يكون في عهدته إلا بعد القبض، لأنه رتب الضمان على الاخراج من البيت، فقبله لا يثبت الثمن في ذمة المشتري.
وأما على مسلك القوم من نفوذ المعاملة قبل القبض، فلا دليل على أن تلف الثمن قبل القبض من مال المشتري.
أما الاجماع، فلا يحرز كونه تعبديا.
وأما رواية عقبة، فهي مجملة المراد..
لأنها تحتمل ما ذكرناه من نظرها إلى الثمن الكلي الذي هو المتعارف في باب البيع.
كما تحتمل أن تكون ناظرة إلى الثمن الشخصي ويكون المراد بها ما أشار إليه الشيخ (قدس سره) من أن المبتاع ضامن لحق البائع حتى يرده إليه، فيكون كناية عن أنه لو تلف قبل الرد كان من ماله.
كما يحتمل أن يراد من الضمير هو المشتري، فيراد أنه ضامن لما أخذه حتى يرد الثمن فإذا لم يرد لزم أن يرجع العين، فيكون كناية أيضا عن الانفساخ بتلف الثمن.
وظهر بذلك عدم توقف الاستدلال بها على المدعى على رجوع الضمير إلى البائع - كما هو ظاهر الشيخ (قدس سره) -.
كما أنه يحتمل أن يراد أنه بأخذ المبيع يجب على المبتاع تسليم الثمن للبائع وعدم جواز تأخيره والتواني فيه، فتكون أجنبية عن المقام.