ثم إن المخبر إن لم يكن ثقة يطمئن بقوله لدى العقلاء أمكن أن يلتزم ببطلان المعاملة لجهالة الوصف المستلزم للوقوع في الندم أو النزاع بنظر العقلاء، لأن الاعتماد على خبر غير الثقة يكون في معرض الوقوع في ذلك، فالمعاملة غررية عند العقلاء.
نعم لو كان المخبر ثقة صحت المعاملة، إذ احتمال الخلاف في الوصف موهوم لا يعتني به العقلاء، فليس المعاملة معاملة غررية بنظر العقلاء. ويلحق به إيقاع المعاملة اعتمادا على أمارة عقلائية.
وأما الصورة الخامسة، فلا يثبت فيها الخيار عند تخلف الوصف، لعدم أخذه في متن العقد.
ولكن المعاملة تكون صحيحة ولا اشكال فيها من جهة الغرر. إذ احتمال الخطأ في الحس احتمال موهوم جدا. فلا يكون الإقدام على المعاملة اعتمادا على الحس إقداما على ما فيه خطر بنظر العقلاء.
وقد ظهر من مجموع ذلك أن الخيار ثابت على طبق القاعدة بلا حاجة إلى تعبد خاص في جميع هذه الصور إلا صورتين..
إحداهما: إيقاع المعاملة اعتمادا على توصيف ثالث في غير مجلس المعاملة وبدون علم البائع، أو اعتمادا على أمارة عقلائية.
والأخرى: إيقاع المعاملة اعتمادا على الحس. فثبوت الخيار فيها يحتاج إلى تعبد خاص.
ولا يخفى عليك أن رواية جميل التي هي دليل خيار الرؤية - كما عرفت - تختص بالصورة الأولى من الصورتين، لأن ظاهرها عدم تقليب تمام الأرض ورؤية باطن الأرض الذي تقع عليه المعاملة، وإنما اعتمد في ذلك إما على تقليب سائر الأجزاء وأغلبها الذي هو أمارة عقلائية على مساواة الجزء الذي لم يقلبه لها، وإما على رؤية ظاهر الأرض بجميع أجزائها الموجب لاعتقاد كون باطنها كذلك.
وعلى كل حال، فالاعتماد ليس على الحس في مورد السؤال. فيختص الجواب به