ولكن ذهب السيد الطباطبائي (رحمه الله) (1) إلى أنها كاشفة بدعوى: أن المراد من قوله " لكان له في ذلك خيار الرؤية " أن له خيار عدم الرؤية.
وتقريب هذه الدعوى بنحو يخرجها عن الغرابة الناشئة من حمل التعبير بشئ على إرادة عدمه، هو أنه قد يقع مثل هذا التعبير في العرف ويراد من الشئ عدمه بلا أي توقف، كما إذا شكى الانسان من بعض العوارض، كالمرض والجوع والعرى الناشئة من عدم المال وقلة ذات اليد، ثم يقول بعد ذلك جميع المشاكل الحياتية سببها المال فإن المراد أن السبب فقدان المال لا وجدانه، ولا يرى أي استهجان في مثل هذا التعبير.
وما نحن فيه كذلك، إذ هذا التعبير ورد بعد بيان أن الشخص لو قلب أكثر قطع الأرض وبقي قطعة لم يرها، فإن ظاهره كون المدار على عدم الرؤية قبل العقد، هذا غاية تقريب ما أفاده (رحمه الله).
ولكن يرد عليه: أن هذا إنما يتم لو كان ما تقدم صريحا في كون تمام السبب هو العدم، كما في المثال العرفي المتقدم، وما نحن فيه ليس كذلك إذ مجرد قوله " أنه لو قلب تسعا وتسعين قطعة وبقي قطعة لم يرها " لا ظهور له في كون تمام السبب عدم الرؤية.
نعم له ظهور في كونه دخيلا في الخيار.
ولكنه لا ينافي كون ثبوته منوطا أيضا برؤية الخلاف، فلا يصلح ذلك لرفع اليد عن ظهور قوله " خيار الرؤية " في كون الرؤية دخيلة في الموضوع.
وقد وافق المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (2) السيد في أصل الدعوى أعني كون الرؤية طريقا لا موضوعا، ولكن ببيان آخر وهو: أن الرؤية والعلم يؤخذان بنحو الطريقية في غالب الموارد، مع أن قوله: " لكان له في ذلك خيار الرؤية " متفرع على سابقه وهو قوله: " لو قلب... " وهو ظاهر في كون الخيار ناشئا عن عدم رؤية تلك