____________________
في الحكم بنجاسة البلل المشتبه لعدم دلالة دليل على نجاسته (* 1) وقد تعرض شيخنا الأنصاري (قده) لكلام صاحب الحدائق في الأصول وذكر أن نجاسة البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء إنما استفيدت من أمر الشارع بالطهارة عقبه من جهة استظهار أن الشارع جعل هذا المورد من موارد تقديم الظاهر على الأصل (لما مر من أن الظاهر تخلف شئ من الرطوبات البولية في الطريق وهي قد تجتمع وتخرج بعد البول بحركة ونحوها) فحكم بكون الخارج بولا لا أنه أوجب خصوص الوضوء بخروجه. وقال: إن بذلك يندفع تعجب صاحب الحدائق من حكمهم بعدم النجاسة فيما نحن فيه أي في ملاقي بعض أطراف الشهبة وحكمهم بها في البلل مع كون كل منهما مشتبها.. انتهى. ونزيد عليه أن ظاهر قوله عليه السلام ويستنجي في موثقة سماعة المتقدمة أن الشارع إنما حكم بذلك لأجل أن البلل الخارج وقتئذ بول ناقض للوضوء إذ لولا كونه بولا نجسا لم يكن وجه لأمره عليه السلام بعده بالاستنجاء لوضوح أن مجرد غسل الذكر من غير بول لا يسمي استنجاء بوجه هذا مضافا إلى أن نواقض الوضوء محصورة فإذا حكمنا على البلل بالناقضية أستكشف من ذلك أنه بول لا محالة، إذ لا ينطبق شئ منها على البلل سوى البول فالبولية والناقضية متلازمتان في البلل. وهذا بخلاف البلل الخارج بعد الاستبراء، لأنه محكوم بالطهارة وعدم انتقاض الوضوء به، كما دلت عليه النصوص. ومن هنا قيدنا صحيحة محمد بن مسلم وموثقة سماعة المتقدمتين (* 2) الدالتين على انتقاض الوضوء بالبلل بما إذا خرج قبل الاستبراء من البول، فالمتحصل أن الأخبار الواردة في المقام وإن لم يشتمل على أن البلل المشتبه بول أو نجس دلت على انتقاض الوضوء به إذا خرج بعد الاستبراء