الخبرين بها، فإن ظهور المطلق أضعف من ظهور العامين في العموم بالنسبة إلى مورد الاجتماع، بل قد يدعى انصراف المطلق في حد ذاته إلى إرادة الغسل بالماء القليل، لكونه هو الغالب في مكان صدور المطلق.
ولا يخفى ما فيه، فإن الأمر لا يدور بين التخصيص والتقييد حتى يقال فيه بالترجيح مع إشكال فيه أيضا، بل يدور بين التقييدين، فإن لقوله عليه السلام: " كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر " (1) عموما أفراديا بالنسبة إلى المتنجسات، وإطلاقا لازمه الاكتفاء بمجرد الرؤية وعدم لزوم العدد، فلو خرج المتنجس بالولوغ عنه تخصيصا يلزم منه عدم مطهرية المطر له، سواء أصابه مرة أو دفعات، وهو كما ترى، وأما لو قيل بلزوم العدد فليس ذلك تخصيصا للأفراد، بل تقييد لاطلاق الرؤية كما أن لزوم التعفير أيضا تقييد لو فرض إطلاقها من هذه الجهة وغض البصر عما تقدم.
فحينئذ الأرجح في النظر العرفي تقديم إطلاق الصحيحة على إطلاق المرسلة، لأن العرف يرى أن للولوغ خصوصية موجبة لشدة نجاسة الإناء به، بحيث لا يكتفي فيه بالماء فقط ولا بالمرة، فلا ينقدح في الأذهان إلا اخراج الإناء الذي ولغ فيه الكلب من سائر النجاسات لمزيد خصوصية فيه، وإن شئت قلت أن الأظهر تحكيم الصحيحة على المرسلة.
وأضعف منه دعوى الانصراف إلى القليل، فإن مجرد ذلك لا يوجبه مع أن السائل من الكوفيين، والمجيب يراعي حال السائل وبلده وهو محل وفور الجاري والكثير، ومما ذكرناه، يظهر حال مرسلة العلامة مع أن فيها ضعفا غير مجبور، نعم الظاهر كون سند الأولى مجبورا بالعمل.