فمع عدم إمكان تصدي من له الحق، لو تصدى غيره جاز ونفذ، وإن كان معاقبا لتصدي ما ليس له، بل في نفس التصرفات أيضا، نظير من جعل نفسه مضطرا لأكل الميتة لحفظ نفسه، فإنه يجب عليه حفظها، ويعاقب على أكل الميتة.
وأما إذا كان الخراج متروكا أخذا وصرفا، أو صرفا فقط، ودار الأمر بين ترك تلك الأرضين الخراجية خربة، وجلاء أهلها إلى محال أخر; مما هو غير مرضي للشارع الأقدس، وبين بقاء القاطنين وتعميرهم الأرضين، وصرف منافعها في إعاشتهم التي هي أيضا من المصالح في الرتبة المتأخرة، كان الثاني متعينا بعد عدم إمكان القيام بالمصالح العامة; من الجهاد ونحوه.
ولو اغمض عنه أيضا، فكما أن للنبي والإمام عليهما الصلاة والسلام - بولايتهم العامة - الإجازة في تلك الظروف في تملكها وبيعها وشرائها بعد اقتضاء المصلحة، كذلك للفقيه العدل ذلك; لولايته العامة.
ثم إنه مع احتمال الصحة في تصرفات المسلمين وأيديهم على الأرضين، يؤخذ بمقتضى أيديهم، وتحمل أعمالهم على الصحة.
وإن شئت قلت: إن تلك الأرضين وصلت إلى الطبقة الموجودة من أيدي أسلافهم، مع احتمال كون تملكهم على وجه شرعي، فيجوز لنا ولهم ترتيب آثار الملكية.