المتلف للمال هو المحكوم له، ولكنه لا يستلزم تضمين الشاهد، خصوصا إذا كان سوق الروايتين لنفي ضمان المحكوم له، وإلا كان ينبغي الإيماء إليه. وحملها على صورة جهل المحكوم له بالواقعة بعيد جدا، مع أنه لا يستلزم قصور شمول دليل الإتلاف له، كما هو الواضح.
ومما يشهد لعدم ضمانه، ويكون الضامن هو الشاهد: ما رواه في الباب المزبور عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في شاهد الزور ما توبته؟
قال: " يؤدي من المال الذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله، إن كان النصف أو الثلث... " (1) الحديث.
فإن إيجاب الأداء ظاهر في تعينه عليه، بخلاف كلمة " ضامن " فإنها أعم.
فبالجملة: العمل بمضمون هذه المآثير مشكل، لاشتمالها على ما لا يوافقه القواعد، ولكنه بعد اعتبارها لا بأس بالفتوى على طبقها، ولكنه لا يستفاد منها أن نسبة " الإتلاف " إلى الشاهد حقيقية، فيقال في جميع المواقف المشابهة معها بالضمان، بل غاية ما يستفاد منها اعتبار قاعدة الإتلاف.
اللهم إلا أن يقال: لا حاجة إلى الرواية بعد كونها عقلائية ممضاة.
هذا كله حول هذه القاعدة سندا ودلالة، وإنما البحث في جريانها