وإلى الأول مال الشيخ (رحمه الله) من المتأخرين (1)، وإلى الثاني ذهب الوالد المحقق - مد ظله - من المعاصرين (2).
أقول: قد عرفت أن قاعدة نفي الغرر غير وافية بتمام المدعى (3)، وهو مراجعة المشتري إلى البائع مطلقا، وذلك لأن مجرد الاستيفاء غير كاف لعدم صدق " الغرر "، ضرورة أنه إذا غره في ذبح شاته وصرفها مع أنه ليس أهلا لذلك، لا يخرج البائع مثلا عن كونه غارا، وهكذا فيما إذا أحدث البناية في دار أو أرض، واستوفى بمقدار صرفه منها، فإنه لا يستلزم عدم كونه غارا كما لا يخفى.
مع أن قاعدة نفي الضرر عامة، فلو صدق " الضرر " أحيانا في مورد - كما في الأمثلة المشار إليها - فعلى البائع جبرانه، من غير لزوم صدق " المضر " عليه، لأن المنفي هو الضرر، والذي هو القدر المتيقن من الصور الخارجة عنه هو ما إذا تضرر أحد، ولم يكن الضرر بوجه مستندا إلى أحد عرفا، لا عقلا وتخيلا، كما في تضرره بالسيل والزلزلة، وأما البائع فيما نحن فيه فهو وإن لم يكن مضرا عرفا، ولكنه أوقعه في الضرر عند العقلاء، فعليه الجبران.
فتحصل: أن المسألة مختلفة الصور، ولا يمكن إتمام الضمان في جميعها، ولا نفيه في جميعها، ومن هنا يظهر حال غيرها.