وقال بعضهم: إن كون الاية مكية لا ينافي أن يكون الكلام إخبارا عما سيشهد به وفيه: إن ذلك يوجب رداءة الحجة وسقوطها، فأي معنى لان يحتج على قوم يقولون:
(لست مرسلا) فيقال: صدقوا به اليوم، لان بعض علماء أهل الكتاب سوف يشهدون به. وقال بعضهم: إن هذه شهادة تحمل لا يستلزم إيمان الشهيد حين الشهادة، فيجوز أن تكون الاية مكية والمراد بها عبد الله بن سلام أو غيره من علماء اليهود والنصارى وإن لم يؤمنوا حين نزول الاية.
وفيه أن المعنى حينئذ يعود إلى الاحتجاج بعلم علماء أهل الكتاب وإن لم يعترفوا به ولم يؤمنوا، ولو كان كذلك لكان المتعين أن يستشهد بعلم الذين كفروا أنفسهم، فإن الحجة كانت قد تمت عليهم بكون القرآن كلام الله، ولا يكون ذلك إلا عن علمهم به، فما الموجب للعدول عنهم إلى غيرهم وهم مشتركون في الكفر بالرسالة ونفيها. على أنه تقدم أن الشهادة في الاية ليست إلا شهادة أداء دون التحمل. وقال بعضهم: - وهو ابن تيمية وقد أغرب - إن الاية مدنية بالاتفاق. وهو كما ترى... وبهذا يتأيد ما ذكره جمع ووردت به الروايات من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام أن الاية نزلت في علي) (1).
وبعد هذا كله فليس من العجيب ما يطرق أسماعنا من آراء فقهية شاذة وغريبة ومتناقضة أحيانا صدرت من (فضل الله)، لان السر في ذلك واضح! (2) وهل يصح بعد كل هذا الجهل والتخبط الذي لا يصدر عن أقل طلبة العلوم الدينية علما أن يعد انتقاد الاراء المنحرفة ل (فضل الله) بأنها هجوم على (المرجعية)؟ وهل الملاك في تعيين المراجع وتحديدهم ترشيحاتالصحافة وانتخابات الاعلام، أم تزكية الحوزات العلمية وأهل الخبرة فيها؟! وإذا رجعت المعايير والموازين إلى نصابها فلن يحض (فضل الله) لا بلقب (آية الله) ولا (العظمى)! ليصبح جعله في مصاف الامام الخميني والسيد الخوئي ومقارنته بهما مهزلة تضحك الثكلى...