ولنا عدة ملاحظات على هذا الكلام:
أولا: أول ما يلفت النظر في هذه التهمة إنه لم يعط فيها حدا فاصلا، فهو يتكلم عنها بأسلوب متردد كمن (يقدم رجلا ويؤخر أخرى)، فهو يقول: (إنني أخشى)، و (لكنني أشعر)، (وأنا لا أستطيع أن أثق... ولا أجزم بذلك)، وإذا كان الامر بذلك فلماذا تثار مثل هذه التهمة التي تشوش سمعة كل من يعارضه ويخالفه وتضعه في دائرة المخابرات الأمريكية وغيرها؟! ألا ينطبق قول الله تعالى (إن بعض الظن إثم) على هذه التهمة حيث انه يتحدث عنها من غير علم ويقين كما هي صريح عباراته؟
نعم في نشرة (فكر وثقافة) صرح بأن هدف خصومه من هذه الإثارات هو (محاربة من يقف في وجه الاستكبار العالمي وفي وجه إسرائيل وفي وجه أمريكا)، ثم أضاف (وأنا أتحمل مسؤولية ما أقول لأنني أعرف خطوط المخابرات، وكيف تتحرك)، وهذا أمر يوكل حسابه عليه يوم القيامة حيث لا تخفى على الله خافية، وليعد لذلك جوابا.
وبعد هذا، فأين هي تقوى الله التي يدعو إليها؟! وأين هي حدود الله التي يتكلم عنها وقد اتهم خصومه بالكذب والغوغائية والفسق وعدم الغيرة على الدين وأخيرا العمالة وتنفيذ مخطط المخابرات الاستكبارية؟! وخلاصة الامر إنه ارتكب خطأ عظيما يمس عقيدة التشيع، فواجهته روح التشيع وحسه العالي من أصحاب الغيرة والتقوى حتى ممن كان يعتبر سابقا من المعجبين به. وأين ذلك من المخططات التي يتحدث عنها؟!
ثانيا: عدم التمييز بين معارضيه، فهو يخلط بين الذين وقفوا دفاعا عن دينهم ومعتقداتهم وبين بعض الصحف اللبنانية التي لا شغل لها سوى إثارة الفتن والطعن في العلماء والسعي لإثارة الاختلاف بين المسلمين كمجلة الشراع، وعندما يتحدث عن $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ $ معارضيه عموما يصفهم بعبارة شاملة لا تفرق بين المؤمن وغيره، وكان خيرا له أن يفترض ان معارضيه كانت لهم نوايا سليمة وقاموا بهذا العمل عن وعي ودراية، وعلى أقل تقدير كان المفروض أن يسمح لهم بهذا الاجتهاد كما سمح لنفسه بذلك.
ثالثا: حاول (فضل الله) إلقاء المسؤولية على الآخرين في الإساءة إلى الزهراء عليها السلام عبر تشهيرهم بكلامه في مغالطة مضحكة وهروب فاشل من تبعات ما بدر منه، وهو في هذا قريب ممن يقول: إن سب النبي صلى الله عليه وآله وإهانة شخصه الكريم تقع على عاتق الذين شهروا بسلمان رشدي وكتابه وجعلوا من قضيته قضية عالمية بعد أن كانت قضية مجهولة ومحدودة.
رابعا: دعا (فضل الله) إلى الحضور عنده لمناقشته حول آرائه، وهو في ذلك يذكرنا بقصة من اعتدى على آخر الشتم والضرب في الملا ثم دعاه إلى بيته خلف الابواب المغلقة ليعتذر عما بدر منه، مع فارق آخر وهو أن (فضل الله) ما زال يصر على رأيه بعد مراسلات عديدة مع علماء ومحققين وبعد استفتاءات لمراجع تقليد وبعد حوارات متعددة وبعد كل الاعتراضات والاحتجاجات من الجماهير والشخصيات، فهل يريد