البين، وقد وردت بعض الروايات بهذا المعنى، منها: ما رواه ابن قولويه والكليني والصدوق بإسنادهم إلى داود الرقي قال: (كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ استسقى الماء، فلما شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه، ثم قال لي: يا داود لعن الله قاتل الحسين عليه السلام، فما أنغص ذكر الحسين عليه السلام للعيش، إني ما شربت ماء باردا إلا ذكرت الحسين عليه السلام...) (1).
ويعلم من هذا أن التذكر يكون على نوعين، فمرة يكون بأن يكلف الانسان بشيء ثم يغفل عن ذلك الامر ثم يتذكره بعد فواته وبعد أن خالف المطلوب منه نسيانا وسهوا، وهذا هو الممنوع على المعصوم، ومرة يكون من قبيل تذكر الانسان ما وقع في الأيام الخوالي والأزمنة الغابرة، أو التذكر للامر الإلهي قبل فوات المطلوب، وهذا نظير ما ورد في الروايات العديدة من غضب بعض الأئمة عليهم السلام عما يرتكبه بعض خدمهم ثم كظمهم للغيظ، فلا منافاة بين تحقق الغضب كما في مقامنا هذا حيث اعتدى القوم على الزهراء عليها السلام وبين إمساك الامام عليه السلام عن القتل، ولا يعني أمر النبي صلى الله عليه وآله بعدم قتال القوم أن يقف الامام علي عليه السلام مكتوف الأيدي من دون أي ردة فعل، ومن هنا كان موقفه في وجه عمر وخالد بن الوليد، وهذا ما تقتضيه شجاعة الامام وغيرته وهو منبعهما ومعينهما، والقول بسهو الامام علي عليه السلام عما أمره النبي صلى الله عليه وآله إنما يصح منعه وإبطاله إذا كان متحققا وواقعا في الخارج، والرواية ليس فيها ما يدل على ذلك بل فيما ما يدل على عدم وقوعه، ولهذا التزم الامام عليه السلام بوصية النبي صلى الله عليه وآله إليه.
تجدر الإشارة إلى أن السيد الخوئي أو غيره لم يورد إشكال سهو المعصوم للطعن في الكتاب أو للقول بوضعه، وهذا كاشف عن ضعف مثل هذا الايراد.
* * *