ولكن الأربلي لم يتعرض لأي واحده منها مع نقله عنه، ويؤيد ذلك ترضي الأربلي على الشيخين وآخرين ممن علم موقف الطائفة المحقة منهم في مواضع مختلفه من الكتاب (1).
المثال الثاني: ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلا م (المتوفى سنه 224 ه) في كتابه الأموال عن سعيد بن عفير، قال: حدثني علوان بن داود مولى أبي زرعه بن عمرو بن جرير، عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه عبد الرحمن قال: (دخلت على أبى بكر أعوده في مرضه الذي توفى فيه فسلمت عليه، وقلت: ما أرى بك باسا والحمد لله، ولا تأس على الدنيا، فو الله ان علمناك الا كنت صالحا مصلحا، فقال:
أما إني لا آسي على شئ الا على ثلاث فعلتهم ووددت اني لم أفعلهم، وثلاث لم أفعلهم ووددت اني فعلتهم، وثلاث وددت اني سالت رسول الله صلى الله عليه وآله عنهم، فاما التي فعلتها ووددت اني لم افعلها، فوددت اني لم أكن فعلت كذا وكذا - لخلة ذكرها، قال أبو عبيد: لا أريد ذكرها - ووددت يوم سقيفة بني ساعده كنت قذفت الامر في عنق أحد الرجلين عمر أو أبي عبيده فكان أميرا وكنت وزيرا، ووددت اني حيث كنت وجهت خالدا إلى أهل الردة أقمت بذي القصة فان ظفر المسلمون ظفروا والا كنت بصدد لقاء أو مدد، واما الثلاث التي تركتها ووددت اني فعلتها... الخ).
قال محقق الكتاب محمد خليل هراس تعليقا على قول أبي عبيده: (لا أريد ذكرها) ما يلي: (وقد ذكرها الذهبي في الميزان وهي قوله (رض): ووددت اني لم اكشف بيت فاطمة وتركته وان أغلق على الحرب) (2).
وهذا هو الحديث الذي ذكرناه سابقا في الفصل الأول من هذا الباب ورواه اليعقوبي والطبري في تاريخهما، ولولا اشاره المقطع الحذوف إلى أصل قصه الهجوم على بيت الزهراء سلام الله عليها وربطه بالاعتداء عليها لما سعى القاسم بن سلام إلى التعتيم عليها، فان السعي لاخفاء المطاعن مهما أمكن هو أصل أصيل التزم به محدثو العامة ومؤرخوهم، ورموا كل من ذكرها بأنه رافضي كذاب، وفي أحسن الأحوال قالوا انه (منكر الحديث). وسنتطرق لاحقا أيضا للتحريف الذي وقع في كتاب المعارف لابن قتيبة حول إسقاط الجنين محسن عليه السلام.
وقد مر علينا وسيأتي أيضا في مبحث إسقاط الجنين ان كثيرا من أهل السنة رووا في كتبهم اعتداء القوم على بيت فاطمة سلام الله عليها ودخوله واسقاط جنينها المحسن عليه السلام وغير ذلك، فيكون هذا قرينه على صحه صدور الظلم من القوم، لان ذلك جاء في رواية المخالف.