الاجتناب من الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر، بل ومن سائر النجاسات. أو على أن النهي فيها نهي تنزيهي، إما لاحتمال عدم الخلو من هذه النجاسة غالبا، أو مطلقا ولو مع عدم الاحتمال، لأجل خبثهم الذاتي المقتضي للاجتناب عما لاقاهم تنزها إلا إذا اضطر إليه، لما مرت الإشارة إليه من اختلاف مراتب النجاسة والقذارة (1). في رواية علي بن جعفر ((عليه السلام)): عن اليهودي (2) والنصراني يدخل يده في الماء، أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: " لا، إلا أن يضطر إليه " (3).
وبالجملة قضية التوفيق العرفي بين الأخبار حمل تلك الأخبار على أحد هذه المحامل.
ومن الواضح أن الجمع العرفي كان مقدما على الترجيح سندا، أو جهة.
والرجوع إلى المرجحات للصدور، أو المرجحات لجهته، إنما يكون بعد عدم إمكان الجمع عرفا، فلا تكون موافقة الأخبار المصرحة للعامة مانعة عن حمل تلك الأخبار على ما لا ينافيها، كما جعله شيخنا العلامة (أعلى الله مقامه) أحد الأمرين المانعين عن حمل تلك الأخبار. وثانيهما (4): موافقة تلك الأخبار للإجماعات المستفيضة. قال: أترى أن هؤلاء لم يطلعوا على هذه الروايات، وهل وصلت إلينا إلا بواسطتهم؟ (5) قلت: لا ريب في أنهم اطلعوا عليها، لكنه من المحتمل أن يكون عدم عملهم بها لتوهم كون موافقتها للعامة مانعا عنه، ولا بعد فيه بعد توهم مثل جنابه (قدس