بانوا فمن كان باكيا يبكى * هذى ركاب السرى بلا شك فمن ظهور الركاب معملة * إلى بطون الربى إلى الفلك تصدع الشمل مثل ما انحدرت * إلى صبوب جواهر السلك من النوى قبل لم أزل حذرا * هذا النوى جعل مالك الملك مولاي كان الله لكم وتولى أمركم أسلم عليكم سلام الوداع وأدعو الله في تيسر اللقاء والاجتماع من بعد التفرق والانصداع وأقرر لديكم ان الانسان أسير الاقدار مسلوب الاختيار متقلب في حكم الخواطر والأفكار وأن لابد لكل أول من آخر وأن التفرق لما لزم كل اثنين بموت أو حياة ولم يكن منه بد كان خير أنواعه الواقعة بين الأحباب ما وقع على الوجوه الجميلة البريئة من الشرور ويعلم مولاي حال عبده منذ وصل إليكم من المغرب بولدكم ومقامه لديكم بحال قلق ولولا تعليلكم ووعدكم وارتقاب اللطائف في تقليب قلبكم وقطع نواحل الأيام حريصا على استكمال سنكم ونهوض ولدكم واضطلاعكم بأمركم وتمكن هدنة وطنكم وما تحمل في ذلك من ترك غرضه لغرضكم وما استقر بيده من عهودكم وأن العبد الآن تسبب لكم في الهدنة من بعد الظهور والعز ونجح السعي وتأتي لسنين كثيرة الصلح ومن بعد أن لم يبق لكم بالأندلس مشغب من القرابة وتحرك لمطالعة الثغور الغربية وقرب من فرضة المجاز واتصال الأرض ببلاد المشرق لطرقته الأفكار وزعزعت صبره رياح الخواطر وتذكر اشراف العمر على التمام وعواقب الاستغراق وسيرة الفضلاء عند شمول البياض فغلبته حال شديدة هزمت التعشق بالشمل الجميع والوطن المليح والجاه الكبير والسلطان القليل النظير وعمل بمقتضى قوله موتوا قبل أن تموتوا فان صحت الحال المرجوة من امداد الله تنقلت الاقدام إلى امام وقوى التعلق بعروة الله الوثقى وان وقع العجز أو افتضح العزم فالله يعاملنا بلطفه وهذا المرتكب مرام صعب لكن سهله على أمور منها ان الانصراف لما لم يكن منه بد لم يتعين على غير هذه الصورة إذ كان عندكم من باب المحال ومنها ان مولاي لو سمح لي بغرض الانصراف لم تكن لي قدرة على موقف وداعه لا والله ولكان الموت أسبق إلى وكفى بهذه الوسيلة الحسنة التي يعرفها وسيلة ومنها حرصي على أن يظهر صدق دعواي فيما كنت أهتف به وأظن انى لا أصدق ومنها اغتنام المفارقة في زمن الأمان والهدنة الطويلة والاستغناء إذا كان الانصراف المفروض ضروريا قبيحا في غير هذه الحال ومنها وهو أقوى الاعذار أنى مهما لم أطق تمام هذا الامر أو ضاق ذرعي به لعجز أو مرض أو خوف طريق أو نفاد زاد أو شوق غالب رجعت رجوع الأب الشفيق إلى الولد البر الرضى إذ لم أخلف ورائي
(٤٣٧)