وابن رضوان على حاله ثم غلب السلطان أحمد على الملك وانتزعه من السعيد وأبى بكر بن غازي وقام بتدبير دولته محمد بن عثمان بن الكاس مستبدا عليه والعلامة لابن رضوان كما كانت إلى أن هلك بأزمور في حركة السلطان أحمد إلى مراكش لحصار عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ابن السلطان أبى على * وكان في جملة السلطان أبى الحسن جماعة كثيرة من فضلاء المغرب وأعيانه هلك كثير منهم في الطاعون الجارف بتونس وغرق جماعة منهم في أسطوله لما غرق وتخطت النكبة منهم آخرين إلى أن استوفوا ما قدر من آجالهم (فممن حضر معه بإفريقية) الفقيه أبو عبد الله محمد بن أحمد الزواوي شيخ القراء بالمغرب أخذ العلم والعربية عن مشيخة فاس وروى عن الرحالة أبى عبد الله بن رشيد وكان اماما في القراءات وصاحب ملكه فيها لا يجارى وله مع ذلك صوت من مزامير آل داود وكان يصلى بالسلطان التروايح ويقرأ عليه بعض الأحيان حزبه (وممن حضر معه) بإفريقية الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن الصباغ من أهل مكناسة مبرزا في المعقول والمنقول وعارفا بالحديث وبرجاله واماما في معرفة كتاب الموطأ واقرانه أخذ العلوم عن مشيخة فاس ومكناسة ولقى شيخنا أبا عبد الله الأيلي ولازمه وأخذ عنه العلوم العقلية فاستنفد بقية طلبه عليه فبرز آخرا واختاره السلطان لمجلسه واستدعاه ولم يزل معه إلى أن هلك غريقا في ذلك الأسطول (ومنهم القاضي أبو عبد الله) محمد بن عبد الله ابن عبد النور من أعمال ندرومة ونسبه في صنهاجة كان مبرزا في الفقه على مذهب الامام مالك بن أنس تفقه فيه على الأخوين أبى زيد وأبى موسى ابني الامام وكان من جملة أصحابهما ولما استولى السلطان أبو الحسن على تلمسان رفع من منزلة ابني الامام واختصهما بالشورى في بلدهما وكان يستكثر من أهل العلم في دولته ويجرى لهم الارزاق ويعمر بهم مجلسه فطلب يومئذ من ابن الإمام أن يختار له من أصحابه من ينظمه في فقهاء المجالس فأشار عليه بابن عبد النور هذا فأدناه وقرب مجلسه وولاه قضاء عسكره ولم يزل في جملته إلى أن هلك بالطاعون بتونس سنة تسع وأربعين وكان قد خلف أخاه عليا رفيقه في تدريس ابن الإمام إلا أنه أقصر باعا منه في الفقه فلما خلع السلطان أبو عنان طاعة أبيه السلطان أبى الحسن ونهض إلى فاس استنفره في جملته وولاه قضاء مكناسة فلم يزل بها حتى تغلب عمر بن عبد الله على الدولة كما مر فنزع إلى قضاء فرضه فسرحه فخرج حاجا سنة أربع وستين فلما قدم على مكة وكان به بقية مرض هلك في طواف القدوم وأوصى أمير الحاج على ابنه محمد وأن يبلغ وصيته به للأمير المتغلب على الديار المصرية يومئذ ببغا الخاصكي فأحسن خلافته فيه وولاه من وظائف الفقهاء ما سد به خلته وصان عن سؤال الناس وجهه وكان له عفا الله عنه كلف بعلم
(٣٩٤)